سورة الفجر
مكية، وهي ثلاثون آية، وتسع وثلاثون كلمة، وخمسمائة وسبعة وتسعون حرفا.
جزء : ٢٠ رقم الصفحة : ٣٠٦
قوله تعالى :﴿وَالْفَجْرِ﴾، قيل : جواب القسم مذكور، وهو قوله تعالى :﴿إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ﴾ [الفجر : ١٤]، قاله ابن الأنباري.
وقيل : محذوف، لدلالة المعنى عليه، أي : ليجازي كل واحد بما عمل، بدليل ما فعل بالقرون الخالية.
وقدَّره الزمخشريُّ : ليُعذبنَّ، قال : يدل عليه قوله تعالى :﴿أَلَمْ تَرَ﴾ إلى قوله " فصبَّ ".
وقدره أبو حيَّان : بما دلت عليه خاتمة السورة قبله، أي : لإيابهم إلينا وحسابهم علينا.
وقال مقاتل :" هل " هنا : في موضع " إنَّ " تقديره :" إنَّ في ذلك قسماً لذي حجر، فـ " هل " هذا في موضع جواب القسم.
انتهى.
وهذا قول باطل ؛ لأنه لا يصلح أن يكون مقسماً عليه تقدير تسليم أنَّ التركيب هكذا، وإنما ذكرناه للتنبيه على سقوطه.
وقيل : ثم مضاف محذوف، أي : صلاة الفجر، أو ربِّ الفجر.
والعامة : على عدم التنوين في :" الفَجْرِ، والوَتْرِ، ويَسْرِ ".
وأبو الدينار الأعرابي : بتنوين الثلاثة.
٣٠٧
قال ابن خالويه : هذا ما روي عن بعض العرب أنه يقف على آخر القوافي : بالتنوين، وإن كان فعلاً، وإن كان فيه الألف واللام ؛ قال الشاعر :[الوافر] ٥١٨٩ - أقِلِّي اللَّوْمَ عَاذلَ والعِتابَنْ
وقُولِي إنْ أصَبْتُ لَقدْ أصَابَنْ
يعني : هذا تنوين الترنُّم، وهو أن العربي إذا أراد ترك الترنُّم - وهو : مدّ الصوت - نوَّن الكلمة، وإنما يكن في الروي المطلق.
وقد عاب بعضهم النحويين تنيون الترنم، وقال : بل ينبغي أن يسموه بتنوين تركه، ولهذا التنوين قسيم آخر، يسمى : التنوين الغالي وهو ما يلحقُ الرويَّ المقيد ؛ كقوله :[الرجز]
٥١٩٠ - خَاوِي المُختَرَقْنْ
على أن بعض العروضيين أنكروا وجوده، ولهذين التنوينين أحكام مخالفة لحكم التنوين مذكورة في علم النحو.
والحاصل : أن هذا القارئ أجرى الفواصل مجرى القوافي، وله نظائر منها :" الرَّسُولا، والسَّبِيلا، والظُّنُونَا " " في الأحزاب ١٠١ و ٦٦ و ٦٧ " و " المتعال " في الرعد و " عَشْرٍ " هنا.
قال الزمخشري : فإن قيل : فما بالها منكرة من بين ما أقسم به ؟ قلت : لأنها ليال مخصوصة من نفس جنس الليالي العشر بعض منها، أو مخصوصة بفضيلة ليست لغيرها، فإن قلت : فهلا عرفت بلام العهد ؛ لأنها ليال معلومة معهودة ؟.
قلت : لو فعل ذلك لم تستقل بمعنى الفضيلة الذي في التنكير ؛ ولأن الأحسن أن تكون الكلمات متجانسة، ليكون اللام أبعد من الإلغاز والتَّعميَة.
٣٠٨
يعني بتجانس اللامات، أن تكون كلها إمَّا للجنس، والغرض الظاهر أن اللامات في :" الفجر " وما معه، للجنس، فلو جيء بالليالي معرفة بلام العهد لفات التجانس.
أقسم سبحانه : بالفجر، وليال عشر، والشفع والوتر، والليل إذا يسر : أقسام خمسة.
واختلف في " الفجرِ "، فقال عليٌّ وابنُ الزُّبيرِ وابنُ عبَّاسٍ - رضي الله عنهم - :" الفَجْر " هنا : انفجار الظلمة عن النهار من كل يوم.
قال ابنُ الخطيب : أقسم تعالى بما يحصل فيه، من حصول النور، وانتشار الناس، وسائر الحيوان في طلب الأرزاق، وذلك مشاكل لنشور الموتى، وفيه عبرة لمن تأمل، كقوله تعالى :﴿وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ﴾ [التكوير : ١٨]، ومدح بكونه خالقاً، فقال سبحانه :﴿فَالِقُ الإِصْبَاحِ﴾ [الأنعام : ٩٦].
وعن ابن عباسٍ - رضي الله عنهما - أنه : النهار كله، وعبر عنه بالفجر ؛ لأنه أوله.
وروى ابن محيصن عن عطيَّة عن ابن عبَّاسٍ : يعني : فجر المحرم.
قال قتادةُ : هو فجر أول يوم من المحرم منه تنفجر السنة، وعنه أيضاً : صلاة الصبح.
وروى ابن جريح عن عطاء عن ابن عباس قال : يريد صبيحة يوم النحر ؛ لأن الله تعالى جعل لكل يوم ليلة قبله إلا يوم النحر لم يجعل له ليلة قبله ولا ليلة بعده ؛ لأن يوم عرفة له ليلتان ليلة قبله وليلة بعده، فمن أدرك الموقف الليلة اليت بعد عرفة فقد أدرك الحج إلى طلوع فجر يوم النحر، وهذا قول مجاهد.
وقال عكرمة :" والفجر " قال : انشقاق الفجر من يوم الجمعة.
وعن محمد بن كعب القرظي :" والفجر " قال : آخر أيام العشر إذا رفعت أو دفعت من جمع.
وقال الضحاك : فجر ذي الحجة ؛ لأن الله تعالى قرن به الأيام، فقال تعالى :﴿وَلَيالٍ عَشْرٍ﴾ أي ليال عشر من ذي الحجة.
٣٠٩


الصفحة التالية
Icon