سورة الفيل
مكية، وهي خمس آيات، وعشرون كلمة، وستة وتسعون حرفا.
جزء : ٢٠ رقم الصفحة : ٤٩٥
قوله تعالى :﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ﴾، هذه قراءة الجمهور، أعني : فتح الراء وحذف الألف للجزم.
وقرأ السلمي :" تَرْ " بسكون الراء، كأنه لم يعتمد بحذف الألف.
وقرأ أيضاً :" ترأ " بسكون الراء وهمزة مفتوحة، وهو الأصل، و " كَيْفَ " معلقة للرؤية، وهي منصوبة بفعل بعدها، لان " ألَمْ تَر كَيفَ " من معنى الاستفهام.
فصل في معنى الآية المعنى : الم تخبر.
وقيل : ألم تعلم.
وقال ابن عباس : ألم تسمع ؟ واللفظ استفهام والمعنى تقرير، والخطاب للرسول ﷺ ولكنه عام، أي : ألم تروا ما فعلت بأصحاب الفيل ؟ أي : قد رايتم ذلك، وعرفتم موضع منتي عليكم، فما لكم لا تؤمنون ؟.
فصل في لفظ " الفيل " الفيل معروف، والجمع : أفيال، وفيول، وفيلة.
قال ابن السكيت : ولا يقال :" أفيلة " والأنثى فيلة، وصاحبه : فيال.
٤٩٦
قال سيبويه : يجوز أن يكون اصل " فيل " :" فُعْلاً " فكسر من أجل الياء، كما قالوا : أبيض وبيض.
وقال الأخفش : هذا لا يكون في الواحد، إنما يكون في الجمع، ورجل فيلُ الرأي، أي : ضعيف الرأي والجمع : أفيال، ورجل فالٌ : أي : ضعيف الرأي، مخطئ الفراسة، وقد فال الرأي، يفيلُ، فيُولة، وفيَّل رأيه تفييلاً : أي : ضعفه، فهو فيَّلُ الرأي.
فصل في نزول السورة روي أن أبرهة بن الصباح الأشرم - ملك " اليمن " - بنى كنيسة بـ " صنعاء " لم ير مثلها، وسمَّاها القليس، وأراد أن يصرف إليها الحاج، فخرج رجل من بني كنانة مختفياً، وجعل يبولُ ويتغوطُ في تلك الكنيسة ليلاً، فأغضبه ذلك.
وقيل : أحج ناراً فحملتها ريح فاحرقتها، فقال : من صنع هذا ؟ فقيل له : رجل من أهل البيت الذي يحج العرب إليه، فحلف ليهدمنَّ الكعبة، فخرج بجيشه ومعه فيلٌ اسمه محمود، وكان قويًّا عظيماً وثمانية أخرى.
وقيل : اثنا عشر.
وقيل : ألف، وبعث رجلاً إلى بني كنانة يدعوهم إلى حج تلك الكنيسة فقتلت بنو كنانة ذلك الرجل، فزاد ذلك أبرهة غضباً وحنقاً، فسار ليهدم الكعبة، فلما بلغ قريباً من " مكة " خرج إليه عبد المطلب، وعرض عليه ثلث أموال " تهامة "، ليرجع فأبى، وقدم الفيل، فكانوا كلما وجهوه إلى الحرم برك، وإذا زجهوه إلى " اليمن "، أو إلى سائر الجهات هرول، ثم إن أبرهة أخذ لعبد المطلب مائتي بعير، فخرج إليهم بسببها، فلما رآه أبرهة عظم في عينه، وكان رجلاً جسيماً وقيل له : هذا أسد قريش، وصاحب عير " مكة "، فنزل أبره عن سريره، وجلس معه على بساطه، ثم قال لترجمانه : قل له حاجتك، فلما ذكر حاجته قال له : سقطت من عيني جئت لأهدم البيت الذي هو دينُك، ودين آبائك، لا تكلمني فيه، والهاك عنه ذود لم أحسبها لك، فقال عبد المطلب : أنا ربّ الإبل، وإنَّ ربًّا سيمنعه، ثم رجع وأتى البيت، فأخذ بحلقة باب الكعبة، وقالم معه نفرٌ من قريش يدعون الله تعالى، ويستنصرونه على أبرهة وجنده، فقال عبد المطلب :[مجزوء الكامل] ٥٣٠٧ - لاهُمَّ إنَّ العَبْدَ يَمْـ
ـنَعُ رَحْلهُ فامْنَعْ حَلالَكْ
جزء : ٢٠ رقم الصفحة : ٤٩٦
لا يَغلِبَنَّ صَليبهُمْ
ومُحَالهُمْ عَدْواً مُحالَكْ
إن يَدخُلُوا البَلدَ الحَرَا
مَ فأمْرٌ ما بَدَا لَكْ
وقال آخر :[الرجز] ٥٣٠٨ - يَا ربِّ لا أرْجُو لَهُمْ سِوَاكَا
يَا ربِّ فامْنَعْ مِنهُمُ حِمَاكَا
٤٩٧
إنَّ عَدُوَّ البَيْتِ مِنْ عَاداكَا
إنَّهُمُ لنْ يَقْهَرُوا قُواكَا