سورة الفلق
مكية في قول الحسن، وعكرمة، وعطاء، وجابر، ومدنية في قول ابن عباس، وقتادة، وهي خمس آيات، وثلاث وعشرون كلمة، وأربعة وسبعون حرفا.
جزء : ٢٠ رقم الصفحة : ٥٦٧
قوله تعالى :﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾.
هذه السورة، وسورة " النَّاس "، و " الإخلاص " نزلت على رسول الله ﷺ حين سحرته اليهود، وزعم ابن مسعود أنهما دعاء، وليستا من القرآن، وخالف به الإجماع من الصحابة، وأهل البيت.
قال ابن قتيبة : لم يكتب عبد الله بن مسعود في مصحفه المعوِّذتين ؛ لأنه كان يسمع رسول الله ﷺ يعوذ الحسن والحسين بهما، فقدر أنهما بمنزلة :" أعوذُ بكَلمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ من كُلِّ شيطانٍ وهَامَّةٍ، ومِنْ كُلِّ عَيْنٍ لامَّةٍ ".
قال ابن الأنباري : وهذا مردود على ابن قتيبة ؛ لأن المعوذتين من كلام ربِّ العالمين ؛ المعجز لجميع المخلوقين، و " أعِيذُكما بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامةِ " من قول البشر، وكلام الخالق الذي هو آية، وحجة لمحمد ﷺ على جميع الكافرين، لا يلتبس بكلام الأدميين على مثل عبد الله بن مسعود، الفصيح اللسان، العالم باللغة العارف بأجناس الكلام.
وقال بعضُ الناس : لم يكتب عبد الله المعوذتين ؛ لأنه من أمن عليهما من النسيان، فأسقطهما وهو يحفظهما كما أسقط فاتحة الكتاب من مصحفه، وما يشك في إتقانه، وحفظه لهما، ورد هذا القول على قائله، واحتج عليه بأنه قد كتب :﴿إِذَا جَآءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ [النصر : ١] و ﴿إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ [الكوثر : ١] و ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الاخلاص : ١] وهن يجرين مجرى المعوذتين في أنهن غير طوال، والحفظ إليهن أسرع، والنسيان مأمون، وكلهن يخالف فاتحة الكتاب ؛ إذ
٥٦٨
الصلاة لا تتم إلا بقراءتها، وسبيل كل ركعة أن تكون المقدمة فيها قبل ما يقرأ من بعدها، فإسقاط فاتحة الكتاب من المصحف على معنى الثقة ببقاء حفظها، والأمن من نسيانها، صحيح، وليس من السور في هذا المعنى مجراها، ولا يسلك به طريقها.
فصل في تفسير السورة تقدم الكلام على الاستعاذة، و " الفلقُ " : هو الصبح، وهو فعل بمعنى مفعول، أي : مفلوق، وفي الحديث :" الرُّؤيَا مثلُ فلقِ الصُّبْحِ ".
قال الشاعر :[البسيط] ٥٣٦٠ - يَا ليْلَةً لَمْ أنمْهَا بِتُّ مُرتفقاً
أرْعَى النُّجُومَ إلى أن نَوَّرَ الفلقُ
جزء : ٢٠ رقم الصفحة : ٥٦٨
وقال ذو الرمة يصف الثور الوحشي :[البسيط] ٥٣٦١ - حتَّى إذَا ما انْجَلَى عَنْ وجْههِ فلقٌ
هَديهِ فِي أخريَاتِ اللَّيْلِ مُنتَصِبُ
يعني بالفلق هنا : الصبح بعينه.
وقيل : الفلق : الجبال، والصخور، تنفلق بالمياه، أي : تتشقق وقيل : هو التفليق بين الجبال، لأنها تنشق من خوف الله تعالى.
قال زهير :[البسيط] ٥٣٦٢ - مَا وِلتُ أرْمُقهُمْ حتَّى إذَا هَبطَتْ
أيْدِي الرِّكابِ بِهِمْ من راكِسٍ فَلقَا
والراكس : بطن الوادي.
وكذلك هو في قول النابغة :[الطويل] ٥٣٦٣ -....................................
أتَانِي ودُونِي رَاكِسٌ فالضَواجِعُ
والراكس أيضاً : الهادي، وهو الثور وسط البيدرِ تدور عليه الثيران في الدِّياسة.
وقيل : الرحم تنفلق بالحيوان.
وقيل : إنه كل ما انفلق عن جميع ما خلق من الحيوان، والصبح، والحب، والنوى وكل شيء من نبات وغيره.
قاله الحسن وغيره.
٥٦٩
قال الضحاك : الفلق : الخلق كله، قال :[الرجز] ٥٣٦٤ - وسْوَسَ يَدْعُو مُخْلِصاً ربِّ الفَلق
سِرَّا وقَدْ أوَّنَ تَأوين العَقَقْ


الصفحة التالية
Icon