سورة المائدة
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٣٧
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ...﴾
أي : بالعهود التي عَهِدْتُ إليكم أن تحفظوها، وهي حفظ الأموال، وحفظ الأنساب، وحفظ الأديان، وحفظ الأبدان، وحفظ اللسان، وحفظ الأيمان، ثم مرَّ معها على الترتيب، فما ذكره هناك مُستوفَى، لم يُعِدْ منه هنا إلا أصله، وما بقي هناك في أصل من الأصول الستّة كمّلهُ هنا، ولمّا ذكر فيما تقدّم في أول السورة حُكْم الأموال باعتبار المِلك، ولم يتكلم على ما يحلّ منها وما يحرم، تكلم هنا على ذلك، فقال :
﴿... أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَىا عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ﴾
قلت : إضافة ﴿بهيمة الأنعام﴾ : للبيان، كثوب خزّ، إي : البهيمة من الإنعام، و ﴿غير مُحِلِّي الصيد﴾ : حال، قال الأخفش : من فاعل ﴿أوفوا﴾، وفيه معنى النّهي، وقال الكسائي : من ضمير ﴿لكم﴾ ؛ كما تقول : أُحِلّ لكم الطعام غير مُفسِدين فيه، فإن قُلتَ : الحال قيد لعامِلها، والحِلِّيَّة غير خاصّة بوقت حُرمَة الصيد ؟ قلت : لمّا كانت الحاجة إليها في ذلك الوقت أكثر، خصّ الحِلِّيَّة به ليكون أدعى للشكر، ويؤخَذ عموم الحِلِّيَّة من سورة الحج.
١٣٩
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿أُحِلَّت لكم بهيمة الأنعام﴾ أي : الأنعام كلها، وهي الإبل والبقر والغنم، ﴿إلا ما يُتلَى عليكم﴾ بعدُ في قوله :﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ...﴾ [المَائدة : ٣] الآية، حال كونكم ﴿غير مُحِلِّي الصيد﴾ في حال الإحرام، ومعنى الآية في الجملة : أُحِلَّت الأنعام كلها إلا ما يُتلى عليكم من الميتة وأخواتها، لكن الصيد في حال الإحرام حرام عليكم، ﴿إن الله يحكم ما يريد﴾ من تحليل أو تحريم.