سورة الأنفال
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣
يقول الحق جل جلاله :﴿يسألونك عن﴾ قسمة ﴿الأنفالِ﴾ وهي الغنائم، سميت الغنيمة نفلاً لأنها عطية من الله تعالى، وزيادة فضل، كما يسمى ما يشترط الإمام للشجاع المقتحم خطراً، نفلاً ؛ لأنه عطية له زيادة على سهمه، وكما سمى يعقوب عليه السلام نافلة ؛ لأنه عطية زائدة على ولد إبراهيم عليه السلام، حيث كان حفيده، ثم أجابهم الحق تعالى فقال :﴿قل الأنفال لله والرسول﴾ أي : أَمرها إلى الله ورسوله، يقسمها رسول الله ﷺ حيث يأمره الله تعالى، وفي الوضع الذي يعينه له.
وسبب نزولها : اختلاف المسلمين في غنائم بدر كيف تقسم، هل في المهاجرين لفقرهم، أو في الأنصار لنصرهم، أو فيهما معاً. قال ابن جزي : وذلك أنهم كانوا يوم بدر ثلاث فرق : فرقة مع النبي ﷺ في العريش تحرسه وتؤنسه، وفرقة اتبعوا المشركين فقتلوهم
وأسروهم، وفرقة أحاطوا بأسلاب العدو وعسكرهم لما انهزموا، فلما انجلت الحرب واجتمع الناس، ورأت كل فرقة أنها بالغنيمة من غيرها، اختلفوا فيما بينهم. فنزلت الآية. هـ.
وقيل : شرط رسول الله ﷺ لمن كان له غناء أن ينفله، فتسارع شبابهم حتى قتلوا سبعين وأسروا سبعين، ثم طلبوا نفلهم، وكان المال قليلاً، فقال الشيخ والوجوه الذين كانوا عند الرايات : كنا رداءاً لكم، وفئة تنحازون إلينا، فلا تختصوا بشيء دوننا، فنزلت، فقسمها رسول الله ﷺ بينهم على السواء. ولهذا قيل : لا يلزم الإمام الوفاء بما وعد، وهذا قول الشافعي رضي الله عنه.


الصفحة التالية
Icon