سورة التوبة
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٥٠
قلت :(براءة) : خبر عن مضمر، أي : هذه براءة و (مِنَ) : ابتدائية، متعلقة بمحذوف، أي : واصلة من الله، و (إلى الذين) : متعلقة به أيضاً، أ و مبتدأ لتخصيصها بالصفة، و (إلى الذين) : خبر.
يقول الحق جل جلاله : هذه ﴿براءة﴾ أي : تبرئة ﴿من الله ورسوله﴾ واصلة
٥١
﴿إلى الذين عاهدتم من المشركين﴾، فقد تبرأ الله ورسوله من كل عهد كان بين المشركين والمسلمين، لأنهم نكثوا أولاً، إلا أناساً منهم لم ينكثوا، وهم بنو ضمرة وبنو كنانة، وسيأتي استثناؤهم. قال البيضاوي : وإنما علقت البراءة بالله وبرسوله، والمعاهدة بالمسلمين ؛ للدلالة على أنه يجب عليهم نبذ عهود المشركين إليهم، وإن كانت صادرة بإذن الله واتفاق الرسول ؛ فإنهما برئا منها. هـ.
وقال ابن جزي : وإنما أسند العهد إلى المسلمين ؛ لأن فعل الرسول ﷺ لازم للمسلمين، وكأنهم هم الذين عاهدوا المشركين، وكان النبي ﷺ قد عقد العهد مع المشركين إلى آجال محدودة، فمنهم من وفّى، فأمر الله أن يتم عهده إلى مدته، ومنهم من نقص أو قارب النقض، وجعل له أجل أربعة أشهر، وبعدها لا يكون له عهد. هـ. وإلى ذلك أشار بقوله :﴿فسيحوا في الأرض أربعةَ أشهرٍ﴾ آمنين لا يتعرض لكم أحد، وبعدها لا عهد بيني وبينكم. وذكر الطبري : أنهم أسلموا كلهم في هذه المدة ولم يسح أحد. هـ.


الصفحة التالية
Icon