سورة إبراهيم
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٥٢
﴿بسم الله الرَّحْمانِ الرَّحِيمِ * الار...﴾
الألف : آلاؤه، واللام : لطفه، والراء : رحمته. فكأنه يقول : بآلائنا ولطفنا ورحمتنا أنزلنا إليك كتابنا، ولذلك رتَّب عليه قوله :
﴿... كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىا صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً أُوْلَـائِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ﴾ قلت :(كتاب) : خبر، أي : هذا كتاب، و(بإذن) : متعلق بتُخرج، أو حال من فاعله، أو مفعوله. و(إلى صراط) : بدل من (النور). (الله الذي) ؛ من رفعه فعلى الابتداء، والموصول خبره، أو خبر عن محذوف، ومن خفضه فبدل من (العزيز)، و(الذين يستحبون) : صفة للكافرين أو نصب، أو رفع على الذم.
يقول الحق جل جلاله : أيها الرسول المحبوب، هذا ﴿كتابٌ أنزلناه إليك لتُخرج الناس﴾ بدعائك إياهم إلى العمل به، ﴿من الظلمات إلى النورِ﴾ ؛ من ظلمات الضلال والجهل إلى نور الهداية والعلم، ﴿بإذنِ ربهم﴾ ؛ بتوفيقه وهدايته وتسهيله، ﴿إلى صراطِ العزيزِ الحميد﴾ أي : لتخرجهم إلى نور العلم الذي هو سلوك طريق العزيز الحميد، التي توصل إلى رضوانه ومعرفته. وفي ذكر الوصفين إشارة إلى أنه لا يذل سالكه، ولا يخيب سائله، بل تحمد عاقبته.
ثم ذكر الموصوف بهما بقوله :﴿الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض﴾ أي : الموصوف بالعزة والحمد هو الله الذي استقر له ما في السماوات وما في الأرض ملكاً
٣٥٣
وعبيداً. ثم ذكر وعيد من كفر بكتابه أو به، فقال :﴿وويلٌ للكافرين﴾ بكتابه، ولم يخرجوا به من ظلمات كفرهم، ﴿من عذابٍ شديد﴾، والويل : كلمة عذاب تقال لمن استحق الهلاك، أي : هلاك لهم من أجل عذاب شديد يلحقهم. وقيل : وادٍ في جهنم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٥٣