سورة الحجر
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٨٦
قلت : رُب : حرف جر، تدل على التقليل غالباً. وفيها ثماني لغات : التخفيف، والتثقيل مع ضم الراء وفتحها بالتاء، وتدخل عليها (ما) فتكفها عن العمل، ويجوز دخولها حينئذٍ على الفعل، ويكون ماضياً، أو منزلاً منزلته في تحقيق وقوعه، وقد تدخل على الجملة الاسمية ؛ كقول الشاعر :
رُبَّمَا الجَامِلُ المُؤَبَّلُ فِيهمْ
وَعَناجِيجُ بَيْنَهُنَّ المِهَارُ
وجملة :(إلا ولها) : صفة لقرية، والأصل ألا يدخلها الواو، كقوله ﴿إِلاَّ لَهَا مُنذِرُونَ﴾ [الشعراء : ٢٠٨]، لكن لما شابهت صورة الحال دخلت عليها ؛ تأكيداً لوصفها بالموصوف.
يقول الحق جل جلاله : أيها الرسول المعظم، ﴿تلك﴾ الآيات التي تتلوها هي ﴿آياتُ الكتاب﴾ الذي أنزلناه إليك، ﴿و﴾ آيات ﴿قرآنٍ﴾ عربي ﴿مبينٍ﴾ ؛ واضح البيان، مبيناً للرشد والصواب، فمن تمسك به وآمن بما فيه كان من المسلمين الناجين، ومن كان تنكب عنه وكفر به كان من الكافرين الهالكين، وسيندم حين لا ينفع الندم، كما قال
٣٨٧
تعالى :﴿رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ﴾ : متمسكين بما فيه حتى يكونوا من الناجين. وهذا التمني قيل : يكون عند الموت، وقيل : في القيامة، وقيل : إذا خرج العصاة من النار، وهذا أرجح ؛ لحديثٍ في ذلك. ومعنى التقليل فيه : أنه تدهشهم أهوال يوم القيامة، فإن حانت منهم إفاقة في بعض الأوقات تمنوا أن لو كانوا مسلمين.