سورة النور
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٥
قلت :" سورة " : خبر، أي : هذه سورة، وأشير لها، مع عدم تقدم ذكره ؛ لأنها في حكم الحاضر المشاهدَ. وقرئ بالنصب على الاشتغال، وجملة :(أنزلناها)، وما عطف عليه : صفة لسورة، مؤكد لما أفاده التنكير من الفخامة. و(الزانية) : مبتدأ، والخبر (فاجلدوا)، ودخلت الفاء ؛ لتضمن المبتدأ معنى الشرط ؛ إذ اللام موصولة، أي : والتي زنت والذي زنى فاجلدوا، هذا مذهب المبرد وغيره، والاختيار عند سيبويه : الرفع على الابتداء، والخبر : محذوف، أي : فيما فرض عليكم، أو : مما يُتلى عليكم : حكم الزانية والزاني، وقدَّم الزانية ؛ لأنها الأصل في الفعل، والداعية فيها أوفر، ولوال تمكينها منه لم يقع. وقيل : لمّا كان وجود الزنى في النساء أكثر، بخلاف السرقة، ففي الرجال أكثر، قَدَّم الحق تعالى الأكثر فيهما.
يقول الحق جل جلاله : هذه ﴿سورةٌ﴾، وهي الجامعة لآيات، بفاتحة لها وخاتمة، مشتقة من سور البلد. من نعت تلك السورة :﴿أنزلناها﴾ عليك، ﴿وفرضْنَاها﴾ أي : فرضنا الأحكام التي فيها. وأصل الفرض : القطع، أي : جعلناها مقطوعاً بها قطعَ إيجاب.
وقرأ المكي وأبو عمرو : بالتشديد ؛ للمبالغة في الإيجاب وتوكيده، أو : لأن فيها فرائض شتى، أو لكثرة المفروض عليهم من السلف ومن بعدهم.