سورة النمل
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٩٥
يقول الحق جل جلاله :﴿طس﴾ أي : يا طاهر يا سيد. قال ابن عباس :" هو اسم من أسماء الله تعالى "، أقسم به أن هذه السورة آياتها القرآن وكتاب مبين. قلت : ولعلها مختصرة من اسمه " اللطيف والسميع ". وقيل إشارة إلى طهارة سر حبيبه. ﴿تلك آياتُ القرآن﴾، الإشارة إلى نفس السورة، وما في معنى الإشارة من معنى البُعد، مع قرب العهد بالمشار إليه، للإيذان ببُعد منزلته في الفضل والشرف، أي : تلك السورة الكريمة التي نتلوها عليك هي آيات القرآن، المعروف بعلو الشأن. ﴿و﴾ آيات ﴿كتابٍ﴾ عظيم الشأن ﴿مُبين﴾ ؛ مظهر بما في تضاعيفه من الحِكَم، والأحكام، وأحوال الآخرة، أو : مبين : مُفرق بين الرشد والغي، والحلال والحرام، أو : ظاهر الإعجاز، على أنه من : أبان، بمعنى بان، وعطفه على القرآن كعطف إحدى الصفتين على الأخرى، نحو : هذا فعل السخي والجواد.
ونكّر الكتاب ليكون أفخم له. وقيل : إنما نكّر الكتاب وعرّفه في الحِجْر، وعرّف
١٩٦
القرآن ونكره في الحِجْر ؛ لأن القرآن والكتاب اسمان علمان على المنزّل على محمد ﷺ، ووصفان له ؛ لأنه يُقرأ ويكتب، فحيث جاء بلفظ التعريف فهو العلم، وحيث جاء بلفظ التنكير فهو الوصف. قاله النسفي.
وما قيل من أهل الكتاب هو اللوح المحفوظ، وإبانته أنه خُطَّ فيه ما هو كائن، لا يساعده إضافة الآيات إليه. والوصف بالهداية والبشارة في قوله :﴿هدىً وبُشرى للمؤمنين﴾ أي : حال كون تلك الآيات هادية ومبشرة للمؤمنين، فهما منصوبان على الحال، من الآيات، على أنهما مصدران بمعنى الفاعل ؛ للمبالغة، كأنهما نفس الهداية والبشارة، والعامل فيها ما في " تلك " من معنى الإشارة، أو خبر، أي : هي هدى وبشرى للمؤمنين خاصة ؛ إذ لا هداية لغيرهم بها.