سورة فاطر
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٩٧
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قلت :﴿أولِي﴾ : اسم جمع، كذُو، وهو بدل من " رسلاً "، أو نعت له، و ﴿مثْنَى وثُلاثَ ورُباع﴾ : نعوت لأجنحة، وهو غير منصرف ؛ لأنه معدول عن اثنين اثنين، وثلاثة ثلاثة، وهو باعتبار الأشخاص، أي : منهم مَن له اثنان، ومنهم مَن له ثلاثة، هذا ظاهر الكشاف.يقول الحق جلّ جلاله :﴿الحمدُ لله﴾، حمد نفسه ؛ تعليماً وتعظيماً، ﴿فاطرِ السماواتِ والأرض﴾ مبديهما ومبدعهما. قال ابن عباس رضي الله عنه :" ما كنت أدري معنى فاطر حتى اختصم إليّ أعرابيان في بئر، فقال أحدهما : أنا فطرتها، أي : ابتدأتها ". قال البيضاوي : من الفطر، بمعنى الشق، كأنه شق العدم بإخراجهما منه. قلت : وكأنه شق النور الكثيف من النور اللطيف، فنور السموات والأرض من نوره الأزلي، وسره الخفي. ﴿جاعلِ الملائكةِ رسلاً﴾ إلى عباده، أي : وسائط بين الله وبين أنبيائه والصالحين من عباده، فيُبلغون إليهم رسالاته بالوحي، والإلهام، والرؤيا الصادقة. ﴿أُولي أجنحةٍ﴾ متعددة ﴿مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاع﴾ أي : منهم ملائكة لهم اثنان ؛ لكل واحد جناحان، ومنهم مَن له ثلاثة، ومنهم مَن له أربعة، بتفاوت ما لهم من المراتب، ينزلون بها، ويعرجون، أو : يُسرعون نحو ما وكلهم الله عليه، يتصرفون فيه على ما أمرهم به، ولعله تعالى لم يرد الحصر ونفى ما زاد عليها، لِمَا رُوي أنه ﷺ رأى جبريل ليلة المعراج، وله ستمائة
٩٨
جناح. وَرُويَ أنه طلب منه أن يريه صورته التي خلقه اللهُ عليها، فلما رآه كذلك خرّ مغشِياً عليه. وقال : ما كنت أرى شيئاً من الخلق هكذا. فقال له : لو رأيت إسرافيل، إِنَّ له لاثني عشر جناحاً بالمشرق، واثني عشر جناحاً بالمغرب، وإنَّ العرش لعلى كاهله، وإنه ليتضاءل لعظمة الله تعالى. هـ.