سورة الزخرف
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣
يقول الحق جلّ جلاله :﴿حم﴾ ؛ يا محمد، ﴿و﴾ حق ﴿الكتابِ المبين﴾ أي : المبين لِما أنزل عليهم، لكونه بلغتهم، وعلى أساليبهم، أو : الموضّح لطريق الهدى من الضلالة، أو : المبيّن لكل ما تحتاج إليه الأمة في أبواب الديانة. وجواب القسم :﴿إِنا جعلناه قرآناً عربياً﴾ بلغتكم ﴿لعلكم تعقلون﴾ أي : جعلنا ذلك الكتاب قرآناً عربياً لكي تفهموه، وتُحيطوا بما فيه من النظم الرائق، والمعنى الفائق، وتقفوا على ما تضمّنه من الشواهد القاطعة بخروجه عن طوق البشر، وتعرفوا حق النعمة في ذلك، فتنقطع أعذاركم بالكلية.
﴿وإِنه في أُمّ الكتاب لدْينَا﴾ أي : وإن القرآن العظيم مثبت عند الله في اللوح المحفوظ، دليله قوله تعالى :﴿بَلْ هُوَ قُرْءَانٌ مَّجِيدٌ فِى لَوْحٍ مَّحْفُوظِ﴾ [البروج : ٢١، ٢٢]. وسُمِّي أمّ الكتاب ؛ لأنه أصل الكتب السماوية، منه تُنقل وتُنسخ. وقوله تعالى :﴿لَعَلِيٌّ﴾ خبر ﴿إن﴾ أي : إنه رفيع القدر بين الكتب، شريف المنزلة ؛ لكونه معجزاً من بينها. أو : في أعلى طبقات البلاغة. ﴿حيكمٌ﴾ ؛ ذو حكمة بالغة. أو : محكم، لا ينسخه كتاب.
وبعدما بيَّن علو شأنه، وبيَّن أنه أنزله بلغتهم ؛ ليعلموه، ويؤمنوا به، ويعملوا بما فيه، عقَّبَ ذلك بإنكار أن يكون الأمر بخلافه، فقال :﴿أفَنَضرِِبُ عنكم الذِكرَ﴾ أي : ننحيه ونُبعده. والضرب : مجاز، من قولهم : ضرب الغرائب عن الحوض. وفيه إشعار باقتضاء الحكمة توجيه الذكر إليهم، وملازمته لهم، كأنه يتهافت عليهم ثم يضربه عنهم. والفاء :


الصفحة التالية
Icon