سورة النَجم
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٣١
يقول الحق جلّ جلاله :﴿والنجم﴾ أي : الثريا، أو : جنس النجم ﴿إِذا هَوَى﴾ إذا غرب، أو : انتثر يوم القيامة، أو طلع، يقال : هَوَى هَوِياً، بوزن " قَيول " إذا غرب، وهَوى هُوياً، بوزن دُخول : إذا طلع. والعامل في ﴿إذا﴾ فعل القسم، أي : أقسم بالنجم وقت غروبه أو طلوعه. وجواب القسم :﴿ما ضلَّ﴾ عن قصد الحق ﴿صاحِبكُم﴾ أي : محمد ﷺ، والخطاب لقريش. ﴿وما غَوَى﴾ في اتباع الباطل، أو : ما اعتقد باطلاً قط، أي : هو في غاية الهدى والرشد، وليس مما تتوهموه من الضلالة والغواية في شيء. فالضلال، نقيض الهدى، والغي نقيض الرشد، ومرجعهما لشيء واحد، وهو عدم اتباع طريق الحق.
وقال الفخر : أكثر المفسرين لم يُفرقوا بين الغي والضلال، والفرق بينهما : أنَّ الغي في مقابلة الرشد، والضلال أعم منه، والاسم من الغي : الغَواية - بالفتح - والحاصل : أنّ الغي أقبح من الضلال، إذ لا يرجى فلاحه. وإيراده ﷺ بعنوان صاحبهم للإيذان بوقوفهم على تفاصيل أحواله الشريفة، وإحاطتهم خُبراً ببراءته - عليه الصلاة والسلام - مما نفى عنه بالكلية، وباتصافه - عليه الصلاة والسلام - بغاية الهدى والرشد ؛ فإنَّ كون صحبتهم
٢٣٢
له ﷺ، ومشاهدتهم لمحاسن شؤونه العظيمة مقتضية لذلك حتماً. وتقييد القسم بوقت الهُوى ؛ لأن النجم لا يهتدي به الساري إلا عند هبوطه أو صعوده، وأما ما دام في وسط السماء فلا يهتدي به، ولا يعرف المشرق من المغرب، ولا الشمال من الجَنوب.
ثم قال :﴿وما ينطق عن الهوى﴾ أي : وما يصدر نطقه بالقرآن أو غيره عن هواه ورأيه أصلاً، ﴿إنْ هو إِلا وحيٌ﴾ من الله تعالى ﴿يُوحَى﴾ إليه، وهي صفة مؤكدة لوَحْي، لرفع المجاز، مفيدة لاستمرار التجدُّد للوحي، واحتج بهذه الآية مَن لا يرى الاجتهاد للأنبياء - عليه السلام - ويُجاب بأن الله تعالى إذا سوّغ لهم الاجتهاد وقررهم عليه كان كالوحي، لا نُطقاً عن الهوى.