سورة الممتحنة
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٩
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوَّكم أولياء﴾ أي : أصدقاء، نزلت في حاطب بن أبي بلتعة، وذلك أنه لمّا تجهز رسولُ الله ﷺ لغزوة الفتح، كتب إلى أهل مكة، إنَّ رسول الله ﷺ يُرديكم، فخُذوا حِذركم. وفي رواية : كتب : إنَّ رسولَ الله ﷺ يسير إليكم بجيشٍ كالليل، يسيل كالسيل، فالحذرَ الحذرَ، وأرسله مع " ساره " مولاة بني المطلب، وقيل : كلثوم بنت عقبة بن أبي مُعيط، فنزل جبريلُ عليه السلام بالخبر، فبعث رسولُ الله ﷺ عليًّا وعمّاراً، وطلحة، والزبير، والمقداد، وأبا مرثد، وقال :" انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإنّ بها ظعينة، معها كتاب إلى أهل مكة، فخذوه منها، وخلُوها، فإن أبتْ فاضربوا عنقها " فأدركوها ثمة، فجحدت، فسلّ عليٌّ سيفه، فأخرجته من عِقاصِها. زاد النسفي : أنه عليه السلام أمَّن يوم الفتح جميعَ الناس إلاّ أربعة، هي أحدهم، فاستحضر رسول الله ﷺ حاطباً، وقال :" ما حملك على
٢٠
هذا " ؟ فقال : يا رسول الله! ما كفرتُ منذ أسلمتُ، ولا غششتُ منذ نصحتُ، ولكني كنتُ امرءاً مُلْصَقًا في قريش، ليس لي فيهم مَن يحمي أهلي، فأردتُ أن أتخذ عندهم يداً، وعملتُ أن كتابي لا يُغني شيئاً، فصدّقه ﷺ، وقَبِلَ عُذره، فقال عمر : دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق، فقال رسول الله صلى الله عليه سلم :" وما يدريك يا عمر، لعل الله قد اطلع على أهل بدر، فقال لهم : اعملوا ما شئتم فقد غفرتُ لكم " ففاضت عينا عمر رضي الله عنه، أي : من بكاء الفرح. والعَدُو : فَعُول، من : عدا، ولكونه على زنة المصدر أوقع على الجمع إيقاعه على الواحد. وفي الآية دليل على أنّ الكبيرة لا تسلب الإيمان.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٠


الصفحة التالية
Icon