سورة الملك
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٩٠
يقول الحق جلّ جلاله :﴿تباركَ﴾ أي : تعالى وتعاظم عن صفات المخلوقين فالبركة : السمو والزيادة، حسية أو عقلية، وكثرة الخير ودوامه، والمعنى الأول أنسب للمقام، باعتبار تعاليه عزّ وجل عما سواه في ذاته وصفاته وأفعاله، وصيغة التفاعل للمبالغة في ذلك ؛ فإنَّ ما لا يصح نسبته إليه تعالى من الصيغ، كالتكثُّر ونحوه، إنما يُنسب إليه تعالى باعتبار غاياتها. وعلى الثاني باعتبار كثرة ما يفيض منه تعالى على مخلوقاته من فنون الخيرات، أي : تعالى بالذات عن كل ما سواه. ﴿الذي بيده المُلك﴾ أي : بيده التصرُّف التام والاستيلا ء على كل موجود، وهو مالك المُلك، يُؤتيه مَن يشاء، وينزعه عمن يشاء، واليد : مجاز عن القدرة التامة، والاستيلاء الكامل. ﴿وهو على كل شيءٍ﴾ من المقدورات، أو من الإنعام والانتقام ﴿قديرٌ﴾ ؛ مبالغ في القدرة يتصرف فيه على حسب ما تقتضيه مشيئته المبنية على الحِكم البالغة.
والجملة : معطوفة على الصلة، مقرِّرة لمضمونها، مفيدة لجريان أحكام مُلكه تعالى في جلائل الأمور ودقائقها، دالة على العموم والشمول في أنه متصرف في أحوال المُلك
٩١
في إيجاد أعيان الأشياء ؛ المتصرّف فيها وفي إيجاد عوارضها الذاتية. ولو اقتصر على قوله :﴿بيده الملك﴾ لأوهم قصوره على تغيُّر أحوال المُلك فقط.


الصفحة التالية
Icon