سورة القيامة
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٨٤
يقول الحق جلّ جلاله :﴿لا أُقسم﴾ أي : أُقسم. وإدخال " لا " النافية على فعل القسم شائع، كإدخاله على المقسم به في " لا وربك " و " لا والله "، وفائدتها : توكيد القسم، وقيل : صلة، كقوله :﴿لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ﴾ [الحديد : ٢٥] وقيل : هي نفي وَرَدَ لكلام معهود قبل القسم، كأنهم أنكروا البعث، فقيل : لا، أي : ليس الأمر كذلك، ثم قال : أُقسم ﴿بيوم القيامة﴾ إنَّ البعث لواقع. وأيًّا ما كان ففي الإقسام على تحقيق البعث بيوم القيامة من الجزالة ما لا يخفى. وقيل : أصله : لأُقسم، كقراءة ابن كثير، على أنَّ اللام للابتداء، و " أٌقسم " : خبر مبتدأ مضمر، أي : لأنا أُقسم، ويُقويه أنه في الإمام بغير ألف ثم أشبع فجاء الألف.
﴿ولا أٌقسم بالنفس اللوّامة﴾، الجمهور على أنه قسم آخر، وقال الحسن : الثانية نفي، أي : أُقسم بيوم القيامة لا بالنفس اللوّامة، فيكون ذمًّا لها، وعلى أنه قسم يكون مدحاً لها، أي : أقسم بالنفس المتقية، التي تلوم صاحبها على التقصير، وإن اجتهدت في الطاعة. أو : بالنفس المطمئنة اللائمة للنفس الأمّارة، وقيل : المراد الجنس، لِما رُوي أنه عليه السلام قال :" مَا مِنْ نَفْسٍ بَرَّةٍ ولا فَاجِرَةٍ إِلاَّ وتلُومُ نفسها يوم القِيامَة، إنْ عَملت خَيْراً، قالت : كيف لم أزدْ ؟ ! وإِنْ عملت شرًّا، قالت : ليتني كُنتُ قصرتُ " وذكره
١٨٥
الثعلبي من كلام البراء : قال أبو السعود : ولا يخفى ضعفه ؛ لأنِّ هذا القدر من اللوم لا يكون مدراراً للإعظام بالإقسام، وإن صدَر عن النفس المؤمنة المحسنة، فكيف من الكافرة المندرجة تحت الجنس، وقيل : بنفس آدم عليه السلام، فإنها لا تزال تتلوَّم على فعلها الذي خرجت به من الجنة.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٨٥


الصفحة التالية
Icon