سورة التكوير
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٤٥
يقول الحق جلّ جلاله :﴿إِذا الشمسُ كُوِّرتْ﴾ أي : ذُهب بضوئها، من كوَّرت العمامة : إذا لففتها، أي : يُلفّ ضوؤها لفًّا، فيذهب انبساطه وانتشاره، أو : ألقيت عن فلكها، كما وصفت النجوم بالانكدار، من : طعنَة فكوّره : إذا ألقاه على الأرض. وعن أبي صالح : كُوِّرت : نُكّست، وعن ابن عباس رضي الله عنه : تكويرها : إدخالها في العرش. ﴿وإِذا النجومُ انكَدرَتْ﴾ أي : انقضّت وتساقطت، فلا يبقى يومئذٍ نجمٌ إلاّ سقط على الأرض. قال ابن عباس رضي الله عنه : النجوم قناديل معلّقة بسلاسل من نور بين السماء والأرض، بأيدي ملائكة من نور، فإذا مات مَن في السموات ومَن في الأرض قطعت من أيديهم، وقيل : انكدارها : انطماس نورها، ويُروى : أن الشمس والنجوم تُطرح في جهنم، ليراها مَن عبدها، كما قال :﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾ [الأنبياء : ٩٨].
﴿وإِذا الجبال سُيِّرتْ﴾ عن أماكنها بالرجعة الحاصلة، فتسير عن وجه الأرض حتى تبقى قاعاً صفصفاً لا ترى فيها عِوجاً ولا أمتاً. ﴿وإِذا العِشَار﴾ جمع : عُشَرَاء، وهي الناقة التي مرّ على حملها عشرة أشهر، وهو اسمها إلى أن تضع لتمام سنة، وهي أنْفس ما يكون عند أهلها، وأعزّها عليهم، ﴿عُطِّلَتْ﴾ ؛ تُركت مهملة ؛ لاشتغال أهلها بأنفسهم، وكانوا يحبسونها إذا بلغت هذا الحال، فتركوها أحبّ ما تكون إليهم، لشدة الهول، فيحتمل أن يكون ذلك حقيقة، تُبعث كذلك فيغيبون عنها لشدة الهول، ويحتمل : إن يكون كناية عن
٢٤٦