سورة الشرح
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٢٠
يقول الحق جلاّ جلاله :﴿ألم نشرحْ لك صدرك﴾ أي : ألم نوسعه ونفسحه حتى حوى عالَم الغيب والشهادة، وجمع بين ملَكتي الاستفادة والإفادة، فما صدتك الملابسة بالعلائق الجسمانية عن اقتباس أنوار الملِكات الروحانية، وما عاقك التعلُّق بمصالح الخلق عن الاستغراق في شهود الحق، وقيل : المراد شرح جبريل صدرَه في حال صباه، حين شقّه وأخرج منه علقة سوداء، أو ليلة المعراج فملأه إيماناً وحكمة. والتعبير عن الشرح بالاستفهام الإنكاري للإيذان بأن ثبوته من الظهور بحيث لا يقدر أحد أن يُجِيب عنه بغير " بلى ".
وزيادة " لك " وتوسُّطه بين الفعل ومفعوله للإيذان بأنَّ الشرح من منافعة ﷺ ومصالحة، مسارعة إلى إدخال المسرة في قلبه ﷺ وتشويقاً إلى ما يعقبه، ليتمكن عنده وقتَ وروده فضل تمكُّن. وقال في الوجيز : هو استفهام معناه التقرير، أي : ألم نفتح ونُوسِّع لك قلبك بالإيمان والنبوة والعلم والحكمة. قال في الحاشية الفاسية : والظاهر أنه
٣٢١
إيثار بما طلبه موسى عليه السلام بقوله :﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾ [طه : ٢٥]، وأنه بادَاه به من غير طلب، وهو قَدْر زائد على مطلق الرسالة، متضمن حمل ثقل تبليغها، لكونه في ذلك بربه، ويناسبه ما بعده من وضع الوزر، وهو لغة : الحمل الثقيل، كما في الوجيز، وشرح الصدر : بسطه بنور إلهي. هـ.