سورة البينة
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٣٣
يقول الحق جلّ جلاله :﴿لم يكن الذين كفروا﴾ أي : بالرسول وبما أنزل عليه ﴿من أهل الكتاب﴾ اليهود والنصارى، ﴿والمشركين﴾ ؛ عبَدة الأصنام ﴿منفكِّين﴾ منفصلين عن الكفر، وحذف لأنَّ صلة " الذين " يدل عليه، ﴿حتى تأتِيَهم البَيِّنَةُ﴾ الحجة الواضحة، وهو النبيُّ صلى الله عليه وسلم. يقول : لم يتركوا كفرهم حتى بُعث محمد ﷺ، فلمّا بُعِثَ أسلم بعض، وثبت على الكفر بعض. أو : لم يكونوا منفكين، أي : زائلين عن دينهم حتى تأتيَهم البَينة ببطلان ما هم عليه، فتقوم الحجة عليهم. أو : لم يكونوا لينفصلوا عن الدنيا حتى بَعَثَ اللهُ محمداً فقامت عليهم الحجة، وإلاّ لقالوا :﴿لَوْلاا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً...﴾ [طه : ١٣٤] الآية.
وتلك البينة هي ﴿رسولٌ من الله﴾ أي : محمد ﷺ وهو بدل من " البينة " ﴿يتلو﴾ يقرأ عليهم ﴿صُحفاً﴾ كتباً ﴿مُطَهَّرةً﴾ من الباطل والزور والكذب، والمراد : يتلو ما يتضمنه المكتوب في الصحف، وهو القرآن، يدل على ذلك أنه ﷺ كان يتلو القرآن عن ظهر قلبه، ولم يكن يقرأ مكتوباً ؛ لأنه كان أُميًّا لا يكتب ولا يقرأ الصحف، ولكنه لَمَّا كان تالياً معنى ما في الصُحف فكأنه قد تلى الصُحف. ثم بيّن ما في الصُحف، فقال :﴿فيها﴾ أي : في الصُحف ﴿كُتب قَيِّمةٌ﴾ مستقيمة ناطقةٌ بالحق والعدل. ولَمّا كان القرآن جامعاً لِما في الكتب المتقدمة صدق أنَّ فيه كُتباً قيمة.
٣٣٤


الصفحة التالية
Icon