" صفحة رقم ٤١ "
مقدمة التفسير للعلامة الزمخشري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي انزل القرآن كلاما مؤلفا منظما ونزله بحسب المصالح منجما وجعله بالتحميد مفتتحا وبالاستعاذة مختتما واوحاه على قسمين متشابها ومحكما وفصل سورا وسوره آيات
وميز بينهن بفصول وغايات
وما هي الا صفات مبتدىء مبتدع وسمات منشىء مخترع فسبحان من استأثر بالأولية والقدم ووسم كل شيء سواه بالحدوث عن العدم أنشأه كتابا ساطعا تبيانه
قاطعا برهانه وحيا ناطقا ببينات وحجج قرآنا عربيا غير ذي عوج مفتاحا للمنافع الدينية والدنيوية مصداقا لما بين يديه من الكتب السماوية عجزا باقيا دون كل معجز على وجه كل زمان دائرا من بين سائر الكتب على كل لسان في كل مكان أفحم به من طولب بمعارضته من العرب العرباء وأبكم به من تحدى به من مصاقع الخطباء فلم يتصد للإتيان بما يوازيه أو يدانيه واحد من فصحائهم ولم ينهض لمقدار أقصر من سورة منه ناهض من بلغائهم على انهم كانوا اكثر من حصى البطحاء واوفر عددا من رمال الدهناء ولم ينبض منهم عرق العصبية مع اشتهارهم بالإفراط في المضادة والمضارة وإلقائهم الشراشر على المعازة والمعارة ولقائهم دون المناضلة عن احسابهم الخطط وركوبهم في كل يرومونه الشطط إن اتاهم أحد بمفخرة اتوه بمفاخر وإن رماهمم بمأثرة رموه بمآثر وقد جرد لهم الحجة اولا والسيف آخرا فلم يعارضوا الا السيف وحده على ان السيف القاضب مخراق لاعب إن لم تمض الحجة حده فما اعرضوا عن معارضة الحجة الا


الصفحة التالية
Icon