" صفحة رقم ٢١٣ "
( سورة الشورى )
مكية ( إلا الآيات ٢٣ و ٢٤ و ٢٥ و ٢٧ فمدنية )
وآياتها ٥٣ ( نزلت بعد سورة فصلت )

بسم اللَّه الرحمن الرحيم

) حم عسق كَذَلِكَ يُوحِى إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ لَهُ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الاٌّ رْضِ وَهُوَ الْعَلِىُّ العَظِيمُ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِى الاٌّ رْضِ أَلاَ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (
الشورى :( ١ ) حم
قرأ ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما ( حم سق ) ) كَذَلِكَ يُوحِى إِلَيْكَ ( أي مثل ذلك الوحي. أو مثل ذلك الكتاب يوحي إليك وإلى الرسل ) مِن قَبْلِكَ اللَّهُ ( يعني أن ما تضمنته هذه السورة من المعاني قد أوحى الله إليك مثله في غيرها من السور، وأوحاه من قبلك إلى رسله، على معنى : أن الله تعالى كرر هذه المعاني في القرآن في جميع الكتب السماوية، لما فيها من التنبيه البليغ واللطف العظيم لعباده من الأوّلين والآخرين، ولم يقل : أوحي إليك ؛ ولكن على لفظ المضارع، ليدل على أن إيحاء مثله عادته. وقرىء ( يوحى إليك ) على البناء للمفعول. فإن قلت : فما رافع اسم الله على هذه القراءة ؟ قلت : ما دلّ عليه يوحي، كأن قائلاً قال : من الموحى ؟ فقيل : الله، كقراءة السلمى : وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم على البناء للمفعول ورفع شركائهم، على معنى : زينه لهم شركاؤهم. فإن قلت : فما رافعه فيمن قرأ نوحى بالنون ؟ قلت : يرتفع بالابتداء. والعزيز وما بعده : أخبار، أو العزيز الحكيم : صفتان ؛ والظرف خبر. قرىء ( تكاد ) بالتاء والياء. وينفطرن، ويتفطرن. وروى يونس عن أبي عمرو قراءة غريبة ( تتفطرن ) بتاءين مع النون، ونظيرها حرف نادر، روى في نوادر ابن الأعرابي : الإبل تشممن. ومعناه : يكدن ينفطرن من علو شأن الله وعظمته، يدل عليه مجيئه بعد العلي العظيم. وقيل : من دعائهم له ولداً، كقوله تعالى :) تَكَادُ السَّمَاوَاتِ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ ( ( مريم : ٩٠ ). فإن قلت : لم قال :) مِن فَوْقِهِنَّ ( ؟ قلت : لأن أعظم الآيات وأدلها على الجلال والعظمة : فوق السماوات، وهي : العرش، والكرسي، وصفوف


الصفحة التالية
Icon