" صفحة رقم ٦٠٢ "
( سورة الحاقة )
مكية، وآياتها ٥٢ ( نزلت بعد الملك )
بسم اللَّه الرحمن الرحيم
) الْحَاقَّةُ مَا الْحَآقَّةُ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بِالطَّاغِيَةِ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ (الحاقة :( ١ ) الحاقة
) الْحَاقَّةُ ( الساعة الواجبة الوقوع الثابتة المجيء، التي هي آتية لا ريب فيها. أو التي فيها حواق الأمور من الحساب والثواب والعقاب. أو التي تحق فيها الأمور، أي : تعرف على الحقيقة، من قولك لا أحق هذا، أي : لا أعرف حقيقته. جعل الفعل لها وهو لأهلها وارتفاعها على الابتداء وخبرها ) مَا الْحَآقَّةُ ( والأصل : الحاقة ما هي، أي أيّ شيء هي تفخيماً لشأنها وتعظيماً لهولها، فوضع الظاهر موضع المضمر ؛ لأنه أهول لها ) وَمَآ أَدْرَاكَ ( وأيّ شيء أعلمك ما الحاقة، يعني : أنك لا علم لك بكنهها ومدى عظمها، عى أنه من العظم والشدة بحيث لا يبلغه دراية أحد ولا وهمه، وكيفما قدرت حالها فهي أعظم من ذلك، و ( ما ) في موضع الرفع على الابتداء. و ) أَدْرَاكَ ( معلق عنه لتضمنه معنى الاستفهام. ( القارعة ) التي تقرع الناس بالأفزاع والأهوال، والسماء بالانشقاق والإنفطار، والأرض والجبال بالدك والنسف، والنجوم بالطمس والانكدار. ووضعت موضع الضمير لتدل على معنى القرع. في الحاقة : زيادة في وصف شدتها ؛ ولما ذكرها وفخمها أتبع ذكر من كذب بها وما حل بهم بسبب التكذيب، تذكيراً لأهل مكة وتخويفاً لهم من عاقبة تكذيبهم ) بِالطَّاغِيَةِ ( بالواقعة المجاوزة للحد في الشدة. واختلف فيها، فقيل : الرجفة. وعن ابن عباس : الصاعقة. وعن قتادة : بعث الله عليهم صيحة فأهمدتهم. وقيل : الطاغية مصدر كالعافية، أي : بطغيانهم ؛ وليس بذاك لعدم الطباق بينها وبين قوله ) بِرِيحٍ صَرْصَرٍ ( والصرصر : الشديدة الصوت لها صرصرة. وقيل : الباردة من الصر، كأنها التي كرر فيها البرد وكثر : فهي تحرق لشدة بردها ) عَاتِيَةٍ ( شديدة العصف والعتو استعارة. أو عتت على عاد، فما قدروا على ردّها