" صفحة رقم ٦٢٥ "
( سورة الجن )
مكية، وآياتها ٢٨ ( نزلت بعد الأعراف )

بسم اللَّه الرحمن الرحيم

) قُلْ أُوحِىَ إِلَىَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُواْ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْءَانَاً عَجَباً يَهْدِى إِلَى الرُّشْدِ فَأامَنَّا بِهِ وَلَن نُّشرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَداً وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً (
الجن :( ١ ) قل أوحي إلي.....
قرىء ( أحى ) وأصله وحي ؛ يقال : أوحي إليه ووحى إليه، فقلبت الواو همزة، كما يقال : أعد وأزن ) وَإِذَا الرُّسُلُ أُقّتَتْ ( ( المرسلات : ١١ )، وهو من القلب المطلق جوازه في كل واو مضمومة ؛ وقد أطلقه المازني في المكسورة أيضاً كإشاح وإسادة، وإعاء أخيه، وقرأ ابن أبي عبلة ( وحى ) على الأصل ) أَنَّهُ اسْتَمَعَ ( بالفتح، لأنه فاعل أوحى. وإنا سمعنا : بالكسر ؛ لأنه مبتدأ محكي بعد القول، ثم تحمل عليهما البواقي، فما كان من الوحي فتح، وما كان من قول الجنّ كسر : وكلهن من قولهم إلا الثنتين الأخريين ) وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ ( ( الجن : ١٨ )، ) وَأَنَّهُ لَّمَا قَامَ ( ( الجن : ١٩ )، ومن فتح كلهنّ فعطفاً على محل الجار والمجرور في آمنا به، كأنه قيل : صدقناه وصدقنا أنه تعالى جد ربنا، وأنه كان يقول سفيهنا، وكذلك البواقي ) نَفَرٌ مّنَ الْجِنّ ( جماعة منهم ما بين الثلاثة إلى العشرة. وقيل : كانوا من الشيصبان، وهم أكثر الجنّ عدداً وعامة جنود إبليس منهم ) فَقَالُواْ إِنَّا سَمِعْنَا ( أي : قالوا لقومهم حين رجعوا إليهم، كقوله :) فَلَمَّا قُضِىَ وَلَّوْاْ إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ قَالُواْ يأَبَانَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً ( ( الأحقاف : ٢٩ ٣٠ )، ) عَجَبًا ( بديعاً مباينا لسائر الكتب في حسن نظمه وصحة معانيه، قائمة فيه دلائل الإعجاز. وعجب مصدر يوضع موضع العجيب. وفيه مبالغة : وهو ما خرج عن حد أشكاله ونظائره ) يَهْدِى إِلَى الرُّشْدِ ( يدعو إلى الصواب. وقيل : إلى توحيد والإيمان. والضمير في ) بِهِ ( للقرآن ؛ ولما كان الإيمان به إيماناً بالله وبوحدانيته وبراءة من الشرك : قالوا :) وَلَن نُّشرِكَ بِرَبّنَا أَحَداً ( أي : ولن نعود إلى ما كنا عليه من الإشراك به في طاعة الشيطان. ويجوز أن يكون الضمير لله عز وجل ؛ لأنّ قوله :) بِرَبّنَا ( يفسره ) جَدُّ رَبّنَا ( عظمته من قولك : جدّ


الصفحة التالية
Icon