صفحة رقم ١٧
( بسم الله الرحمن الرحيم )
الباء في بسم الله حرف ما بعده حرف خافض يخفض ما بعده مثل من وبمن والمتعلق به مضمر محذوف لدلالة الكلام عليه تقديره أبدا بسم الله أو باسم الله أبدا أو أقرأ وإنما طولت الباء في بسم الله وأسقطت الألف طلبا للخفة وقيل لما أسقطوا الألف ردوا طوةلها على الباء ليدل طولها على الألف المحذوفة وأثبتت الألف في قوله تعالى ' فسبح باسم ربك العظيم ' لقلة استعماله وقيل إنما طولوا الباء لأنهم أرادوا أن يستفتحواكتاب الله بحرف معظم وقيل الباء حرف منخفض الصورة فلما اتصل باسم الله ارتفع واستعلى وقيبل إن عمر بن عبد العزيز كان يقول لكتابه طولوا الباء من بسم الله وأظهروا السين ودوروا الميم تعظيما لكتاب الله عز وجل.
والاسم هو المسمى عينه وذاته قال الله تعالى ' أنا نبشرك بغلام اسمعه يحيى ' ثم نادى الاسم فقال يا يحيى وقال ' سبح اسم ربك، وتبارك اسم ربك، وهذا القول ليس بقوي، والصيحيح المختار أن الاسم غير المسمى وغير التسمية، فالاسم ما تعرف به ذات الشيء وذلك لأن الاسم هو الأصوات المقطعة والحروف المؤلفة الدالة على ذات ذلك الشيء المسمى به فثبت بهذا أن الاسم غير المسمى وأيضا قد تكون الأسماء كثيرة والمسمى واحد كقوله تعالى ' ولله الأسماء الحسنى ' وقد يكون الاسم واحدا والمسميات به كثيرة كالأسماء المشتركة وذلك يوجب المغايرة وأيضا فقوله ' فادعوه بها ' أمر ان يدعى الله تعالى بأسمائه فالاسم آلة الدعاء والمدعو هو الله تعالى فالمغايرة حاصلة بين ذات المدعو وبين اللفظ المدعو به.
واجيب عن قوله تعالى ' إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى ' بأن المراد ذات الشخص المعبر عنه يحيى لا نفس الاسم وأجيب عن قوله تعالى سبح اسم ربك وتبارك اسم ربك بأن معنى هذه الألفاظ يقتضي إضافة الاسم إلى الله تعالى وإضافة الشيء إلى نفسه محال وقيل محال وقيل كما يجب تنزيه ذاته سبحانه وتعالى عن النقص فكذلك يجب تنزيه أسمائه وكون الاسم غير التسمية هو أن التسمية عبارة عن تعيين اللفظ المعين لتعريف ذات الشيء والاسم عبارة عن تلك اللفظة المعينة والفرق ظاهر واختلفوا في اشتقاق الاسم فقال البصريون من السمو والعلو فاسم الشيء ما علاه حتى ظهر به وعلا عليه فكأنه علا على معناه وصارعلما له وقال الكوفيون من السمة وهي العلامة فكأنه علامة علامة لمسماه وحجة البصريين لو كان الاسم اشتقاقه من السمة وسيم وجمعه أوسام وأجمعوا على أن تصغيره سمي وجمعه أسماء وأسام ( الله ) هو اسم علم خاص لله تعالى تفرد به الباري سبحانه وتعالى ليس بمشتق ولا يشركه فيه أحد وهو الصحيح المختار دليلة قوله تعالى ' هل تعلم له سميا ' يعني لا يقال لغيره الله وقيل هو مشتق من أله يأله إلاهة مثل عبد الرجل يعبد عبادة دليلة ' ويذرك وآلهتك ' أي وعبادتك ومعناه المستحق للعبادة دون غيره وقيل من الوله وهو الفزع لأن الخلق يولهون إليه أي يفزعون إليه فيء حوائجهم قال بعضهم :
ولهت إليكم في بلايا تنوبني
فألفتكم فيها كرائم محتد
وقيل أصله أله يقال ألهت إلى فلان أي سكنت إليه فكأن الخلق يسكنون إليه ويطمئنون بذكره، وقيل


الصفحة التالية
Icon