صفحة رقم ١٢٧
على خلق الله.
قال بعض المشايخ : كمال الطريق صدق مع الحق، وخلق مع الخلق وكمال الإنسان أن يعرف الحق لذاته والخير لأجل أن يعمل به، وقيل لهرم ابن حيان عند الموت : أوص.
فقال : إنما الوصية في المال ولا مال لي، ولكني أوصيك بخواتيم سورة النحل.
والله أعلم بمراده وأسرار كتابه.
سورة الإسراء
( تفسير سورة الإسراء ) ( فصل في نزولها )
قال ابن الجوزي هي مكية في قول الجماعة إلا أن بعضهم يقول فيها مدني فروى عن ابن عباس أنه قال هي مكية إلا ثمان آيات من قوله سبحانه وتعالى وإن كادوا ليفتنونك إلى قوله نصيراً وهذا قول قتادة وقال مقاتل فيها من المدني وقل رب أدخلني مدخل صدق - الآية - وقوله تعالى إن اللذين أوتوا العلم من قبله - وقوله إن ربك أحاط بالناس - وقوله تعالى وإن كادوا ليفتنونك - وقوله تعالى ولولا أن ثهتناك والتي تليها - وهي مائة وعشر آيات وقيل وإحدى عشرة آية وخمسمائة وثلاث وثلاثون كلمة وثلاثة آلاف وأربعمائة وستون حرفاً.
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قوله عز وجل )
الإسراء :( ١ ) سبحان الذي أسرى...
" سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير " ( قوله عز وجل ) سبحان الذين أسرى بعبده ليلاً ( روى ابن الجوزي عن النبي ( ﷺ ) أنه سئل عن تفسير سبحان الله فقال :( تنزيه الله عن كل شيء ) هكذا ذكره بغير سند وقال النحويون : سبحان اسم علم على التسبيح يقال سبحت الله تسبيحاً فالتسبيح هو المصدر وسبحان الله علم للتسبيح وتفسير سبحان الله، تنزيه الله عن كل سوء ونقيصة وأصله في اللغة التباعد فمعنى سبحان الله بعده ونزاهته عن كل ما لا يبغي ) الذي أسرى ( يقال سري به وأسري به لغتان ) بعده ( أجمع المفسرون والعلماء والمتكلمون، أن المراد به محمد ( ﷺ ) لم يختلف أحد من الأمة في ذلك، وقوله بعبده إضافة تشريف وتعظيم وتبجيل وتفخيم وتكريم ومنه قول بعضهم.
لا تدعني إلا بيا عبدها
فإنه أشرف أسمائي
قيل : لما بلغ رسول الله ( ﷺ ) إلى الدرجات العالية والرتب الرفيعة ليلة المعراج، أوحى الله عز وجل إليه يا محمد بم شرفتك ؟ قال : رب حيث نسبتني إلى نفسك بالعبودية.
فانزل الله سبحانه وتعالى : سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً.
فإن قلت : الإسراء لا يكون إلا بالليل فما معنى ذكر الليل.
قلت : أراد بقوله ليلاً بلفظ التنكير تقليل مدة الإسراء وأنه أسري به في بعض ليلة من مكة إلى الشام مسيرة شهر أو أكثر، فدل تنكير الليل على البعضية ) من المسجد الحرام ( قيل كان الإسراء من نفس مسجد مكة وفي حديث مالك بن صعصعة أن رسول الله ( ﷺ ) قال ( بينا أنا في المسجد الحرام في الحجر ) وذكر حديث المعراج، وسيأتي بكماله فيما بعد وقيل عرج به من دار أم هانىء بنت أبي طالب وهي بنت عمه أخت علي رضي الله تعالى عنه، فعلى هذا أراد بالمسجد الحرام الحرم ) إلى المسجد الأقصى ( يعني إلى بيت المقدس سمي أقصى لبعده عن المسجد الحرام أو لأنه لم يكن حينئذ وراءه مسجد ) الذي باركنا حوله ( يعني الأنهار والأشجار والثمار، وقيل سماه مباركاً لأنه مقر الأنبياء ومهبط الملائكة والوحي وقبلة الأنبياء قبل نبينا محمد ( ﷺ ) وإليه تحشر الخلق يوم القيامة.
فإن قلت : ظاهر الآية يدل على