صفحة رقم ١٩١
سورة الكهف
( تفسير سورة الكهف ) وهي مكية وآياتها مائة وإحدى عشر آية وكلماتها ألف وخمسمائة وسبع وسبعون كلمة وحروها ستى آلاف وثلثمائة وستون حرفا.
( بسم الله الرحمن الرحيم ) )
الكهف :( ١ ) الحمد لله الذي...
" الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا " ( قوله عز وجل :( الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ( أثنى الله سبحانه وتعالى على نفسه بإنعامه على خلقه وعلم عباده كيف يثنون عليه، ويحمدونه على أجزل نعمائه عليهم وهي الإسلام وما أنزل على عبده محمد ( ﷺ ) من الكتاب الذي هو سبب نجاتهم وفوزهم خص رسول الله ( ﷺ ) بالذكر لأن إنزال القرآن كان نعمة عليه على الخصوص وعلى سائر الناس على العموم ) ولم يجعل له عوجاً ( أي لم يجعل له شيئاً من العوج قط ولعوج في المعاني، كالعوج في الأعيان والمراد نفي الاختلاف والتناقض عن معاينة وقيل معناه لم يجعله مخلوقاً روي عن ابن عباس في قوله تعالى :( قرآناً عربياً غير ذي عوج ( " قال غير مخلوق.
الكهف :( ٢ - ١٠ ) قيما لينذر بأسا...
" قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا ماكثين فيه أبدا وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا " ( ) قيماً ( أي مستقيماً وقال ابن عباس : عدلاً، وقيل قيماً على الكتب كلّها مصدقاً لها وناسخاً لشرائعها ) لينذر بأساً شديداً ( معناه لينذر الذين كفروا بأساً شديداً وهو قوله سبحانه وتعالى بعذاب بئيس ) من لدنه ( أي من عنده ) ويبشر المؤمنين الذي يعملون الصالحات أن لهم أجراً حسناً ( يعني الجنة ) ماكثين فيه ( أي مقيمين فيه ) أبداً وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولداً ما لهم به من علم ( أي بالولد وباتخاذه يعني أن قولهم لم يصدر عن علم بل عن جهل مفرط.
فإن قلت اتخاذ الله ولداً في نفسه محال فكيف قيل ما لهم به من علم.
قلت انتفاء العلم يكون للجهل بالطريق الموصل إليه وقد يكون في نفسه محالاً لا يستقيم تعلق العلم به ) ولا لآبائهم ( أي ولا لأسلافهم من قبل ) كبرت ( أي عظمت ) كلمة تخرج من أفواههم ( أي هذا الذي يقولونه لا تحكم به عقولهم وفكرهم البتة لكونه في غاية الفساد والبطلان فكأنه يجري على لسانهم على سبيل التقليد ) إن يقولون إلا كذباً ( أي ما يقولون إلا كذباً قيل حقيقة الكذب أنه الخبر الذي لا يطابق المخبر قولهم عنه وزاد بعضهم مع علم قائله أنه غير مطابق وهذا القيل باطل لأن الله سبحانه وتعالى وصف قولهم بإثبات الولد بكونه كذباً مع أن الكثير منهم يقولون ذلك ولا يعلمون كونه باطلاً فعلمنا أن كل خبر لا تطابق الخبر عنه فهو كذب والكذب خلاف الصدق، وقيل : هو الانصراف عن الحق إلى الباطل ورجل كذاب وكذوب إذا كان كثير الكذب.
قوله عز وجل ) فلعلك باخع نفسك ( أي قاتل نفسك ) على آثارهم ( أي من بعدهم ) إن لم يؤمنوا بهذا الحديث ( يعني القرآن ) أسفاً ( أي حزناً وقيل غيظاً ) إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها ( أي مما يصلح أن يكون زينة


الصفحة التالية
Icon