صفحة رقم ٢٨١
الأمانة من قلبه، فيظل أثرها مثل الوكت ثم ينام الرجل النومة، فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل المجل كجمر دحرجته على رجلك فنفط فتراه منتبراً، وليس فيه شيء ثم أخذ حصاة فدحرجها على رجله، فيصبح الناس يتبايعون لا يكاد أحد يؤدي الأمانة حتى يقال : إن في بني فلان رجلاً أميناً حتى يقال : للرجل ما أجلده ما أظرفه ما أعقله وما في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان ولقد أتى على زمان وما أبالي أيكم بايعت لئن كان مسلماً ليردنه على دينه، ولئن كان نصرانياً أو يهودياً ليردنه على ساعيه وأما اليوم فما كنت لأبايع منكم إلا فلاناً وفلاناً ) قوله : نزلت الأمانة في جذر قلوب الرجال جذر الشيء أصله والوكت الأثر اليسير، كالنقطة في الشيء من غير لونه، والمجل غلظ الجلد من أثر العمل وقيل إنما هو النفطات في الجلد، وقد فسره الحديث والمنتبر المنتفخ وليس فيه شيء
( خ ) عن أبي هريرة قال ( بينما رسول الله ( ﷺ ) في مجلس يحدث القوم فجاء أعرابي فقال متى الساعة فمضى رسول الله ( ﷺ ) يحدث فقال بعض القوم سمع ما قال فكره ما قال وقال بعضهم لم يسمع حتى إذا قضى حديثه قال :( أين السائل عن الساعة قال : ها أنا يا رسول الله قال إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة قال : كيف إضاعتها يا رسول الله قال : إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة ( وعنه قال قال النبي ( ﷺ ) ) أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك ( أخرجه أبو داود والترمذي.
وقال حديث حسن غريب.
قوله تعالى ( ليعذب الله اغلمنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ) أي بما خانوا من الأمانة ونقضوا العهد ( ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات ) أي يهديهم ويرحمهم بما أدوا من الأمانة وقيل عرضنا الأمانة ليظهر نفاق المنافق وشرك المشرك فيعذبهما الله ويظهر إيمان المؤمن فيتوب عليه أي يعود عليه بالرحمة والمغفرة فإن حصل منه تقصير في بعض للطاعات ( وكان الله غفورا رحيما ) والله أعلم بمراده وأسرار كتابه.
سورة سبإ
( تفسي سورة سبأ )
مكية وهي أربع وخمسون آية وثمانمائة وثلاثة وثلاثون كلمة وألف وخمسمائة واثنا عشر حرفا.
( بسم الله الرحمن الرحيم ) )
سبأ :( ١ - ٤ ) الحمد لله الذي...
" الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة ورزق كريم " ( قوله عز وجل :( الحمد لله الذي له ما في السموات وما في الأرض ( معناه أن كل نعمة من الله، فهو الحقيق بأن يحمد ويثنى عليه من أجلها، ولما قال : الحمد لله وصف ملكه فقال : الذي له ما في السموات وما في الأرض أي ملكاً وخلقاً ) وله الحمد في الآخرة ( أي كما هو له في الدنيا لأن النعم في الدارين كلها منه، فكما أنه المحمود على نعم الدنيا فهو المحمود على نعم الآخرة وقيل : الحمد في الآخرة هو حمد أهل الجنة كما ورد ( يلهمون التسبيح والحمد كما يلهمون النفس ) ) وهو الحكيم ( أي الذي أحكم أمور الدارين ) الخبير ( أي بكل ما كان وما يكون ) يعلم ما يلج في الأرض ( أي من المطر والكنوز والأموات ) وما يخرج منها ( أي من النبات والشجر والعيون والمعادن والأموات إذا بعثوا ) وما ينزل من السماء ( أي من المطر والثلج والبرد، وأنواع البركات والملائكة ) وما يعرج فيها ( أي في السماء من الملائكة وأعمال العباد ) وهو الرحيم الغفور ( أي للمفرطين في أداء ما وجب عليهم من شكر نعمه قوله تعالى ) وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة ( معناه أنهم أنكروا البعث وقيل : استبطؤوا ما وعدوه من قيام الساعة على سبيل اللهو والسخرية ) قل بلى وربي لتأتينكم ( يعني الساعة ) عالم الغيب ( أي لا يفوت علمه شيء من الخفيات وإذا


الصفحة التالية
Icon