صفحة رقم ١٨٧
لفظ مسلم ولفظ البخاري ' إنا فتحنا لك فتحا مبينا قال الحديبية فقال أصحاب رسول الله ( ﷺ ) هنيئا مريئا فما لنا فأنزل الله عز وجل ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار ' قال شعبة فقدمت الكوفة فحدثت هذا كله عن قتادة ثم رجعت فذكرت له فقال أما إنا فتحنا مبينا فعن أنس وأما هنيئا فعن عكرمة ' وأخرجه الترمذي عن قتادة عن أنس قال أنزلت على النبي ( ﷺ ) ليغفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر مرجعه من الحديبية فقال النبي ( ﷺ ) لقد أنزلت على الليلة آية أحب إلى مما على الأ ) ض ثم قرأ النبي ( ﷺ ) فقالوا هنيئا مريئا يا رسول الله لقد بين لك ما يفعل بك بنا فنزلت عليه ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار حختى بلغ فوزا عظيما ( بسم الله الرحمن الرحيم )
سورة الفتح
قوله عز وجل )
الفتح :( ١ - ٣ ) إنا فتحنا لك...
" إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما وينصرك الله نصرا عزيزا " ( قوله عز وجل :( إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ( الخطاب للنبي ( ﷺ ) وحده والمعنى إنا قضينا وحكمنا لك فتحاً مبيناً ظاهراً بغير قتال ولا تعب.
واختلفوا في هذا الفتح فروى قتادة عن أنس أنه فتح مكة وقال مجاهد : إنه فتح خيبر.
وقيل : هو فتح فارس والروم وسائر بلاد الإسلام التي يفتحها الله عز وجل له.
فإن قلت على هذه الأقوال هذه البلاد مكة وغيرها لم تكن قد فتحت بعد فكيف قال تعالى :( إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ( بلفظ الماضي.
قلت : وعد الله تعالى نبيه ( ﷺ ) بالفتح وجيء به بلفظ الماضي جرياً على عادة الله تعالى في أخباره، لأنها في تحققها وتيقنها بمنزلة الكائنة الموجودة كأنه تعالى قال : إنا فتحنا لك في حكمنا وتقديرنا وما قدره وحكم به فهو كائن لا محالة.
وقال أكثر المفسرين : إن المراد بهذا الفتح صلح الحديبية وهو الأصح، وهو رواية عن أنس.
ومعنى الفتح : فتح المغلق المستصعب وكان الصلح مع المشركين يوم الحديبية مستصعباً متعذراً حتى فتحه الله عز وجل ويسره وسهله بقدرته ولطفه.
عن البراء قال : تغدون أنتم الفتح فتح مكة ولقد كان فتح مكة فتحاً ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية كنا مع رسول الله ( ﷺ ) أربع عشرة مائة والحديبية بئر فنزحناها ولم نترك فيها قطرة فبلغ ذلك النبي ( ﷺ ) فأتاها فجلس على شفيرها ثم دعا بإناء من ماء فتوضأ ثم تمضمض ودعا ثم صبه فيها فتركناها غير بعيد ثم إنها أصدرتنا وماشيتنا وركابنا.
وقال الشعبي في قوله ) إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ( قال : فتح الحديبية وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وأطعموا نخل خيبر وبلغ الهدي محله وظهرت الروم على فارس ففرح المؤمنون بظهور أهل الكتاب على المجوس وقال الزهري : لم يكن فتح أعظم من صلح الحديبية وذلك أن المشركين اختلطوا بالمسلمين فسمعوا كلامهم فتمكن الإسلام في قلوبهم فأسلم في ثلاث