صفحة رقم ٢٠٨
على كل شيء فتعلو عليه، والطامة عند العرب الداهية التي لا تستطاع.
) يوم يتذكر الإنسان ما سعى ( أي ما عمل في الدنيا من خير، أو شر.
) وبرزت الجحيم لمن يرى ( يعني أنه ينكشف عنها الغطاء فينظر إليها الخلق ) فأما من طغى ( أي كفر ) وآثر الحياة الدّنيا ( أي على الآخرة ) فإن الجحيم هي المأوى ( أي لمن هذه صفته ) وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى ( أي المحارم التي يشتهيها وقيل هو الرجل يهم بالمعصية، فيذكر مقامه بين يديه جلّ جلاله للحساب فيتركها لذلك ) فإن الجنة هي المأوى ( أي لمن هذه صفته.
قوله عز وجل :( يسألونك ( أي يا محمد ) عن الساعة أيّان مرساها ( أي متى ظهورها وقيامها ) فيم أنت من ذكراها ( أي لست في شيء من علمها وذكراها حتى تهتم لها وتذكر وقتها ) إلى ربك منتهاها ( أي منتهى علمها لا يعلم متى تقوم الساعة إلا هو، وقيل معناه فيم إنكار لسؤالهم، أي فيم هذا السّؤال، ثم قال أنت يا محمد من ذكراها، أي من علامتها، لأنك آخر الرّسل، وخاتم الأنبياء، فكفاهم ذلك دليلاً على دنوها، ووجوب الاستعداد لها.
النازعات :( ٤٥ - ٤٦ ) إنما أنت منذر...
" إنما أنت منذر من يخشاها كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها " ( ) إنما أنت منذر من يخشاها ( أي إنما ينفع إنذارك من يخافها.
) كأنهم ( يعني الكفار ) يوم يرونها ( أي يعاينون يوم القيامة.
) لم يلبثوا ( أي في الدنيا، وقيل في قبورهم ) إلا عشية أو ضحاها (.
فإن قلت العشية ليس لها ضحى فما معنى قوله ) أو ضحاها ( ؟
قلت قيل إن الهاء والألف صلة، والمعنى لم يلبثوا إلا عشية، أو ضحى، وقيل إضافة الضّحى إلى العشية، إضافة إلى يومها، كأنه قال : إلا عشية أو ضحى يومها.
والله أعلم بمراده وأسرار كتابه.
سورة عبس
( تفسير سورة عبس ) وهي إحدى وأربعون آية ومائة وثلاثون وخمسمائة وثلاثة وثلاثون حرفاً ( بسم الله الرحمن الرحيم ) قوله عز وجل )
عبس :( ١ - ٣ ) عبس وتولى
" عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى " ( قوله عز وجل :( عبس وتولى ( أي كلح وقطب وجهه وتولى أي أعرض بوجهه.
) أن جاءه الأعمى ( يعني ابن أم مكتوم، واسمه عمرو، وقيل عبد الله بن شريح بن مالك بن ربيعة، وقيل عمرو قيس بن زائدة بن الأصم بن زهرة بن رواحة القرشي الفهري من بني عامر بن لؤي، واسم أمه عاتكة بنت عبد الله المخزومية، وهو ابن خالة خديجة بنت خويلد أسلم قديماً بمكة، وذلك أنه أتى النبي ( ﷺ )، وهو يناجي عتبة بن ربيعة، وأبا جهل بن هشام والعباس بن عبد المطلب، وأبي بن خلف، وأخاه أمية بن خلف ويدعوهم إلى الله يرجو إسلامهم فقال ابن أم مكتوم : يا رسول الله أقرئني وعلمني مما علمك الله ؛ وجعل يناديه ويكرر النّداء، وهو لا يدري أنه مقبل على غيره حتى ظهرت الكراهة في وجه رسول الله ( ﷺ ) لقطعه كلامه، وقال في نفسه يقول هؤلاء الصّناديد إنما اتبعه الصّبيان، والعبيد، والسّفلة فعبس وجهه وأعرض عنه، وأقبل على القوم الذين كان يكلمهم، فأنزل الله هذه الآيات معاتبة لرسول الله ( ﷺ )