صفحة رقم ٢١٦
وهو أجرة الكاهن، وقراءة الظاء أولى لأنهم لم يبخلوه، وإنما اتهموه، فنفى الله عنه تلك التهمة، ولو أراد البخل لقال وما هو بالغيب.
) وما هو ( يعني القرآن ) بقول شيطان رجيم ( يعني إن القرآن ليس بشعر، ولا كهانة كما قالت قريش، وقيل كانوا يقولون إن شيطاناً يلقيه على لسانه، فنفى الله ذلك عنه، ) فأين تذهبون ( أي فأين تعدلون عن القرآن، وفيه الشفاء، والهدى، والبيان، وقيل معناه أي طريق تسلكون أبين من هذه الطريقة التي قد بينت لكم.
) إن هو ( يعني ما في القرآن ) إلا ذكر للعالمين ( أي موعظة للخلق أجمعين ) لمن شاء منكم أن يستقيم ( أي يتبع الحق، ويقيم عليه، وينتفع به ثم بين أن مشيئة العبد موقوفة بمشيئته فقال تعالى :( وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين ( أعلمهم الله أن المشيئة في التوفيق للاستقامة إليه، وأنهم لا يقدرون على ذلك إلا بمشيئة الله، وتوفيقه، وفيه إعلام أن أحداً لا يعمل خيراً إلا بتوفيق الله تعالى ؛ ولا شراً إلا بخذلانه، ومشيئته والله تعالى أعلم.
سورة الانفطار
تفسير سورة الانفطار مكية وهي تسع عشرة آية وثمانون كلمة وثلثمائة وسبعة وعشرون حرفا.
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قوله عز وجل )
الإنفطار :( ١ - ٦ ) إذا السماء انفطرت
" إذا السماء انفطرت وإذا الكواكب انتثرت وإذا البحار فجرت وإذا القبور بعثرت علمت نفس ما قدمت وأخرت يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم " ( قوله عز وجل :( إذا السّماء انفطرت ( أي انشقت ) وإذا الكواكب انتثرت ( أي تساقطت ) وإذا البحار فجرت ( أي فجر بعضها في بعض واختلط العذب بالملح، فصارت بحراً واحداً، وقيل معنى فجرت فاضت.
) وإذا القبور بعثرت ( أي بحثرت، وقلب ترابها وبعث من فيها منه الموتى أحياء.
) علمت نفس ما قدمت وأخرت ( يعني علمت في ذلك اليوم ما قدمت من عمل صالح، أو سيىء، وأخرت بعدها من حسنة أو سيئة، وقيل ما قدمت من الصّدقات وأخرت من الزّكوات، وهذه أحوال يوم القيامة.
قوله عز وجل :( يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم ( أي ما خدعك، وسول لك الباطل حتى صنعت ما صنعت، وضيعت ما أوجب عليك، والمعنى ماذا أمنك من عقابه، قيل نزلت في الوليد بن المغيرة، وقيل في أبي الشّريق، واسمه أسيد بن كلدة، وقيل كلدة بن خلف، وكان كافراً ضرب النبي ( ﷺ ) فلم يعاقبه الله وأنزل الله هذه الآية، وقيل الآية عامة في كل كافر وعاص، يقول ما الذي غرك، قيل غره حمقه، وجهله وقيل تسويل الشّيطان له، وقيل غره عفو الله عنه حيث لم يعاجله بالعقوبة في أول مرة بربك الكريم، أي المتجاوز عنك، فهو بكرمه لك لم يعاجلك بعقوبته بل بسط لك المدة لرجاء التّوبة.
قال ابن مسعود ( ما منكم من أحد إلا سيخلو الله عز وجل به يوم القيامة.
فيقول : يا ابن آدم ما غرك بي