صفحة رقم ٣٢٥
إلى القمر فقال يا عائشة استعيذي بالله من شر هذا فإن هذا هو الفاسق إذا وقب ' أخرجه الترمذي وقال حديث حسن صحيح فعلى هذا الحديث الرناد به القمر إذا خسف واسود ومعنى وقب دخل في الخسوف أو أخذ في الغيبوبة وقيل سمي به لأنه إذا خسف أسود ةذهب ضوءه وقيل إذا وقب دخل في المحاق وهو آخر الشهر وفي ذلك الوقت يتم السحر المورث للتمريض وهذا مناسب لسبب نزول هذه الآية وقال ابن عباس الغاسق الليل إذا وقب أي أقبل بظلمته من المشرق وقيل سميس الليل غاسقا لأنه أبرد من النهار والغسق البرد وإنما أمر التعوذ من الليل لأن فيه تنشر الآفات ويقل الغوث وفيه يتم السحر وقيل الغاسق الثريا إذا سقطت وغابت وقيل إن الأسقام تكثر عند وقوعها وترتفع عند طلوعها فلهذا أمر التعوذ من الثريا عند سقوطها ) ومن شر النفاثات في العقد ( يعني السواحر اللاتي يتفثن يفي عقد الخيط حين يرقين علها وقيل المراد بالنفاثات بنات لبيد بن الأعصم اللاتي سحرن النبي ( ﷺ ) والتفت النفخ مع ريق قليل وقيل إنه النفخ فقط.
واختلفوا في جواز النفث في الرقى والتعاويذ الشرعية المستحبة فجوزه الجمهور عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم ويدل عليه حديث عائشة ' كان رسول الله ( ﷺ ) إذا مرض أحد من أ له نفث عليه بالمعوذات ' الحديث وأنكر جماعة التفل والنفث في الرقى وأجازوا النفخ بلا ريق قال عكرمة لا ينبغي للراقي أن ينفث ولا يمسح ولا يعقد وقيل النفث في العقد إنما يكون مذموما إذا كان سحرا مضرا بالأرواح والأبدان وإذا كان النفث لأصلاح الأرواح والأبدان وجب أن لايكون مذموما ولا يكون مكروها بل هو مندوب إليه ) ومن شر حاسد إذا حسد ( الحاسد هو الذي يتمنى زوال نعمة الغير وربما يكون مع ذلك سعى سعي فلذلك أمر الله تعالى بالتعوذ منه وأرادا بالحاسد هنا اليهود فإنهم كانوا يحسدون النبي ( ﷺ ) أو لبيد بن الأعصم وحده والله سبحانه وتعالى أعلم بمراده.
سورة الناس
تفسير سورة الناس وهي مدنية وقيل مكية والأول أصح وهي ست آيات وعشرون كلمة وتسعة وسبعون حرفا.
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قوله عز وجل )
الناس :( ١ - ٦ ) قل أعوذ برب...
" قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس " ( قوله عز وجل :( قل أعوذ برب الناس ( إنما خصص الناس بالذّكر، وإن كان رب جميع المحدثات لأنه لما أمر بالاستعاذة من شر الوسواس، فكأنه قال أعوذ من شر الموسوس إلى الناس بربهم الذي يملك عليهم أمورهم، وهو إلههم ومعبودهم فإنه هو الذي يعيذهم من شرهم، وقيل إن أشرف المخلوقات هم الناس، فلهذا خصهم بالذكر.
) ملك الناس إله النّاس ( إنما وصف نفسه أولاً : بأنه رب الناس، لأن الرب قد يكون ملكاً، وقد لا يكون ملكاً فنبه بذلك على أنه ربهم، وملكهم ثم إن الملك لا يكون إلهاً، فنبه بقوله ) إله الناس ( على أن الإلهية خاصة بالله سبحانه، وتعالى لا يشاركه فيها أحد، والسبب في تكرير لفظ الناس يقتضي مزيد شرفهم على غيرهم ) من شر الوسواس ( يعني الشّيطان ذا الوسواس، والوسوسة الهمز، والصوت الخفي.
) الخناس ( يعني الرجاع من الذي