والنفس تنكمش في الشر وتتكلف للخير ﴿ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ ﴾ [البقرة : ٢٨٦] تركنا أمراً من أوامرك سهواً ﴿ أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ [البقرة : ٢٨٦] ودل هذا على جواز المؤاخذة في النسيان والخطأ خلافاً للمعتزلة لإمكان التحرز عنهما في الجملة ولولا جواز المؤاخذة بهما لم يكن للسؤال معنى ﴿ رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْرًا ﴾ [البقرة : ٢٨٦] عبأ يأصر حامله أي يحبسه مكانه لثقله استعير للتكليف الشاق من نحو قتل الأنفس وقطع موضع النجاسة من الجلد والثوب وغير ذلك ﴿ كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ﴾ [البقرة : ٢٨٦] كاليهود ﴿ رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ﴾ [البقرة : ٢٨٦] من العقوبات النازلة بمن قبلنا ﴿ وَاعْفُ عَنَّا ﴾ [البقرة : ٢٨٦] امح سيئاتنا ﴿ وَاغْفِرْ لَنَا ﴾ [التحريم : ٨] واستر ذنوبنا وليس بتكرار فالأول للكبائر والثاني للصغائر ﴿ وَارْحَمْنَآ ﴾ بتثقيل ميزاننا مع إفلاسنا، والأول من المسخ والثاني من من الخسف والثالث من الغرق ﴿ أَنتَ مَوْلَـانَا ﴾ [البقرة : ٢٨٦] سيدنا ونحن عبيدك أو ناصرنا أو متولي أمورنا ﴿ فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَـافِرِينَ ﴾ [البقرة : ٢٨٦] فمن حق المولى أن ينصر عبيده في الحديث من قرأ آمن الرسول إلى آخره في ليلة كفتاه وفيه من قرأهما بعد العشاء الآخرة أجزأتاه عن قيام الليل ويجوز أن يقال : قرأت سورة البقرة أو قرأت البقرة لما روي عن علي رضي الله عنه : خواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش.
وقال بعضهم : يكره ذلك بل يقال قرأت السورة التي تذكر فيها البقرة والله أعلم.
٢١٩
سورة آل عمران
نزلت بالمدينة وهي مائتا آية
﴿ الم ﴾ حركت الميم لالتقاء الساكنين أعني سكونها وسكون لام الله وفتحت لخفة الفتحة، ولم تكسر للياء وكسر الميم قبلها تحامياً عن توالي الكسرات، وليس فتح الميم لسكونها وسكون ياء قبلها إذ لو كان كذلك لوجب فتحها في حم.
ولا يصح أن يقال : إن فتح الميم هو فتحة همزة الله نقلت إلى الميم لأن تلك الهمزة همزة وصل تسقط في الدرج وتسقط معها حركتها، ولو جاز نقل حركتها لجاز إثباتها وإثباتها غير جائز.
وأسكن يزيد والأعشى الميم وقطعا الألف، والباقون بوصل الألف وفتح الميم والله مبتدأ
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٢٠
﴿ لا إِلَـاهَ إِلا هُوَ ﴾ [البقرة : ٢٥٥] خبره وخبر " لا " مضمر والتقدير : لا إله في الوجود إلا هو، وهو في موضع الرفع بدل من موضع " لا "، واسمه ﴿ الْحَىُّ الْقَيُّومُ ﴾ [آل عمران : ٢] خبر مبتدأ محذوف أي هو الحي، أو بدل من هو والقيوم فيعول من قام وهو القائم بالقسط والقائم على كل نفس بما كسبت ﴿ نَزَّلَ ﴾ أي هو نزل ﴿ عَلَيْكَ الْكِتَـابَ ﴾ [النحل : ٦٤] القرآن ﴿ بِالْحَقِّ ﴾ حال أي نزله حقاً ثابتاً ﴿ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ﴾ [فاطر : ٣١] لما قبله ﴿ وَأَنزَلَ التَّوْرَاـاةِ وَالانجِيلَ ﴾ [آل عمران : ٣] هما اسمان أعجميان وتكلف اشتقاقهما من الورى والنجل، ووزنهماع بتفعلة وافعيل إنما يصح بعد كونهما
٢٢٠