يداً واحدة على الشرك كان الشرك ظاهراً والفساد زائداً ﴿ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَـاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ ءَاوَوا وَّنَصَرُوا أؤلئك هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ﴾ [الانفال : ٧٤] لأنهم صدقوا إيمانهم وحققوه بتحصيل مقتضياته من هجرة الوطن ومفارقة الأهل والسكن والانسلاخ من المال والدنيا لأجل الدين والعقبى ﴿ لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ [الانفال : ٧٤] لا منة فيه ولا تنغيص ولا تكرار، لأن هذه الآية واردة للثناء عليهم مع الوعد الكريم والأولى للأمر بالتواصل ﴿ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا مِن بَعْدُ ﴾ [الانفال : ٧٥] يريد اللاحقين بعد السابقين إلى الهجرة ﴿ وَهَاجَرُوا وَجَـاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُوالَـائكَ مِنكُمْ ﴾ [الانفال : ٧٥] جعلهم منهم تفضلاً وترغيباً ﴿ وَأُوْلُوا الارْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ ﴾ [الانفال : ٧٥] وأولوا القرابات أولى بالتوارث وهو نسخ للتوارث بالهجرة والنصرة ﴿ فِي كِتَـابِ اللَّهِ ﴾ [الانفال : ٧٥] في حكمه وقسمته أوفى اللوح، أو في القرآن وهو آية المواريث وهو دليل لنا على توريث ذوي الأرحام ﴿ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمُ ﴾ [البقرة : ٢٣١] فيقضي بين عباده بما شاء من أحكامه.
قسم الناس أربعة أقسام : قسم آمنوا وهاجروا، وقسم آمنوا ونصروا، وقسم آمنوا ولم يهاجروا، وقسم كفروا ولم يؤمنوا.
١٦٤
سورة التوبة
مدنية وهي مائة وتسع وعشرون آية كوفي ومائة وثلاثون غيره
لها أسماء : براءة، التوبة، المقشقشة، المبعثرة، المشردة، المخزية، الفاضحة، المثيرة، الحافرة، المنكلة، المدمدمة، لأن فيها التوبة على المؤمنين وهي تقشقش من النفاق أي تبرىء منه، وتبعثر عن أسرار المنافقين وتبحث عنها وتثيرها وتحفر عنها، وتفضحهم وتنكلهم وتشردهم وتخزيهم وتدمدم عليهم.
وفي ترك التسمية في ابتدائها أقوال ؛ فعن علي وابن عباس رضي الله عنهم، أن بسم الله أمان وبراءة نزلت لرفع الأمان.
وعن عثمان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان إذا نزلت عليه سورة أو آية قال : اجعلوها في الموضع الذي يذكر فيه كذا وكذا، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلّم ولم يبين لنا أين نضعها، وكانت قصتها تشبه قصة الأنفال لأن فيها ذكر العهود وفي براءة نبذ العهود، فلذلك قرنت بينهما وكانتا تدعيان القرينتين وتعدان السابعة من الطوال وهي سبع.
وقيل : اختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال بعضهم : الأنفال وبراءة سورة واحدة نزلت في القتال، وقال بعضهم : هما سورتان فتركت بينهما فرجة لقول من قال هما سورتان، وتركت بسم الله لقول من قال هما سورة واحدة.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٦٥
﴿ بَرَآءَةٌ ﴾ خبر مبتدأ محذوف أي هذه براءة
١٦٥