﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ ﴾ [التوبة : ١٢٥] شك ونفاق فهو فساد يحتاج إلى علاج كالفساد في البدن ﴿ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ ﴾ [التوبة : ١٢٥] كفراً مضموماً إلى كفرهم ﴿ وَمَاتُوا وَهُمْ كَـافِرُونَ ﴾ [التوبة : ١٢٥] هو إخبار عن إصرارهم عليه إلى الموت ﴿ أَوَلا يَرَوْنَ ﴾ يعني المنافقين وبالتاء : حمزة خطاب للمؤمنين ﴿ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ ﴾ [التوبة : ١٢٦] يبتلون بالقحط والمرض وغيرهما ﴿ فِى كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ ﴾ [التوبة : ١٢٦] عن نفاقهم ﴿ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾ [التوبة : ١٢٦] لا يعتبرون.
أو بالجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم لا يتوبون بما يرون من دولة الإسلام، ولا هم يذكرون بما يقع بهم من الاستسلام ﴿ وَإِذَا مَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ ﴾ تغامزوا بالعيون إنكاراً للوحي وسخرية به قائلين ﴿ هَلْ يَرَاـاكُم مِّنْ أَحَدٍ ﴾ [التوبة : ١٢٧] من المسلمين لننصرف فإنا لا نصبر على استماعه ويغلبنا الضحك فنخاف الافتضاح بينهم، أو إذا ما أنزلت سورة في عيب المنافقين أشار بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد إن قمتم من حضرته عليه السلام ﴿ ثُمَّ انصَرَفُوا ﴾ [التوبة : ١٢٧] عن حضرة النبي عليه السلام مخافة الفضيحة ﴿ صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُم ﴾ [التوبة : ١٢٧] عن فهم القرآن ﴿ بِأَنَّهُمْ ﴾ بسبب أنهم ﴿ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ ﴾ [الانفال : ٦٥] لا يتدبرون حتى يفقهوا ﴿ لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ ﴾ [التوبة : ١٢٨] محمد عليه السلام ﴿ مِّنْ أَنفُسِكُمْ ﴾ [الروم : ٢١] من جنسكم ومن نسبكم عربي قرشي مثلكم ﴿ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ ﴾ شديد عليه شاق ـ لكونه بعضاً منكم ـ عنتكم ولقاؤكم المكروه، فهو يخاف عليكم الوقوع في العذاب ﴿ حَرِيصٌ عَلَيْكُم ﴾ [التوبة : ١٢٨] على إيمانكم ﴿ بِالْمُؤْمِنِينَ ﴾ منكم ومن غيركم
٢١٧
﴿ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾ [التوبة : ١١٧] قيل : لم يجمع الله اسمين من أسمائه لأحد غير رسول الله صلى الله عليه وسلّم ﴿ فَإِن تَوَلَّوْا ﴾ [المائدة : ٤٩] فإن أعرضوا عن الإيمان بك وناصبوك ﴿ فَقُلْ حَسْبِىَ اللَّهُ ﴾ [التوبة : ١٢٩] فاستعن بالله وفوض إليه أمورك فهو كافيك معرتهم وناصرك عليهم ﴿ لا إِلَـاهَ إِلا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ﴾ [التوبة : ١٢٩] فوضت أمري إليه ﴿ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ ﴾ [التوبة : ١٢٩] هو أعظم، خلق الله مطافاً لأهل السماء وقبلة للدعاء ﴿ الْعَظِيمُ ﴾ بالجر وقرىء بالرفع على نعت الرب جل وعز.
عن أبيّ : آخر آية نزلت ﴿ لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ ﴾ [التوبة : ١٢٨] الآية.
٢١٨
سورة يونس
عليه السلام مائة وتسع آيات مكية
(وكذا ما بعدها إلى سورة النور)

(بسم الله الرحمن الرحيم)

﴿ الار ﴾ ونحوه ممال حمزة وعلي وأبو عمرو وهو تعديد للحروف على طريق التحدي ﴿ تِلْكَ ءَايَـاتُ الْكِتَـابِ ﴾ [يونس : ١] إشارة إلى ما تضمنته السورة من الآيات والكتاب السورة ﴿ الْحَكِيمِ ﴾ ذي الحكمة لاشتماله عليها أن المحكم عن الكذب والافتراء والهمزة في ﴿ أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا ﴾ [يونس : ٢] لأنكار التعجب والتعجب منه ﴿ أَنْ أَوْحَيْنَآ ﴾ [يونس : ٢] اسم كان وعجباً خبره واللام في للناس متعلق بمحذوف هو صفة لعجباً فلما تقدم صار حالاً ﴿ إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ ﴾ [يونس : ٢] بأن أنذر أو هي مفسرة إذ الإيحاء فيه معنى القول ﴿ وَبَشِّرِ الَّذِينَ ءَامَنُوا أَنَّ لَهُمْ ﴾ [يونس : ٢] بأن لهم ومعنى اللام في للناس أنهم جعلوه لهم أعجوبة يتعجبون منه والذي تعجبوا منه أن يوحي إلى بشر وأن يكون رجلاً من أفناء رجالهم دون عظيم من عظمائهم فقد كانوا يقولون العجب أن الله لم يجد رسولاً يرسله إلى الناس إلا يتيم أبي طالب وأن يذكر لهم العبث وينذر بالنيران ويبشر بالجنان وكل واحد من هذه الأمور ليس بعجب لأن الرسل المبعوثين
٢١٩


الصفحة التالية
Icon