سورة النور
مدنية وهي ستون وأربع آيات
﴿ سُورَةٌ ﴾ خبر مبتدأ محذوف أي هذه سورة ﴿ أَنزَلْنَـاهَا ﴾ صفة لها.
وقرأ طلحة سورةً على " زيدا ضربته " أو على " اتل سورة ".
والسورة الجامعة لجمل آيات بفاتحة لها وخاتمة واشتقاقها من سور المدينة ﴿ وَفَرَضْنَـاهَا ﴾ أي فرضنا أحكامها التي فيها.
وأصل الفرض القطع أي جعلناها مقطوعاً بها.
وبالتشديد : مكي وأبو عمرو للمبالغة في الإيجاب وتوكيده، أو لأن فيها فرائض شتى، أو لكثرة المفروض عليهم من السلف ومن بعدهم ﴿ سُورَةٌ أَنزَلْنَـاهَا وَفَرَضْنَـاهَا وَأَنزَلْنَا ﴾ [النور : ١] أي دلائل واضحات ﴿ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [الأنعام : ١٥٢] لكي تتعظوا.
وبتخفيف الذال : حمزة وعلي وخلف وحفص.
ثم فصل أحكامها فقال ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِى ﴾ [النور : ٢] رفعهما على الابتداء والخبر محذوف أي فيما فرض عليكم الزانية والزاني أي جلدهما، أو الخبر فاجلدوا ودخلت الفاء لكون الألف واللام بمعنى الذي وتضمينه معنى الشرط وتقديره : التي زنت والذي زنى فاجلدوهما كما تقول من زنى فاجلدوه.
وكقوله :﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَـاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ فَاجْلِدُوهُمْ ﴾ [النور : ٤].
وقرأ عيسى ابن عمر بالنصب على إضمار فعل يفسره الظاهر
١٩٥
وهو أحسن من سورة أنزلناها لأجل الأمر.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٩٥
﴿ فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِا ئَةَ جَلْدَةٍ ﴾ [النور : ٢] الجلد ضرب الجلد وفيه إشارة إلى أنه لا يبالغ ليصل الألم إلى اللحم.
والخطاب للأئمة لأن إقامة الحد من الدين وهي على الكل إلا أنهم لا يمكنهم الاجتماع فينوب الإمام منابهم، وهذا حكم حر ليس بمحصن إذ حكم المحصن الرجم وشرائط إحصان الرجم : الحرية والعقل والبلوغ والإسلام والتزوج بنكاح صحيح والدخول.
وهذا دليل على أن التغريب غير مشروع لأن الفاء إنما يدخل على الجزاء وهو اسم للكافي، والتغريب المروي منسوخ بالآية كما نسخ الحبس والأذى في قوله ﴿ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِى الْبُيُوتِ ﴾ [النساء : ١٥] وقوله ﴿ فَـاَاذُوهُمَا ﴾ بهذه الآية ﴿ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ ﴾ [النور : ٢] أي رحمة والفتح لغة وهي قراءة مكي.
وقيل : الرأفة في دفع المكروه والرحمة في إيصال المحبوب.
والمعنى أن الواجب على المؤمنين أن يتصلبوا في دين الله ولا يأخذهم اللين في استيفاء حدوده فيعطلوا الحدود أو يخففوا الضرب ﴿ فِى دِينِ اللَّهِ ﴾ [النصر : ٢] أي في طاعة الله أو حكمه ﴿ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الاخِرِ ﴾ [النساء : ٥٩] من باب التهييج وإلهاب الغضب لله ولدينه، وجواب الشرط مضمر أي فاجلدوا ولا تعطلوا الحد ﴿ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا ﴾ [النور : ٢] وليحضر موضع حدهما وتسميته عذاباً دليل على أنه عقوبة ﴿ طَآ ـاِفَةٌ ﴾ فرقة يمكن أن تكون حلقة ليعتبروا وانزجر هو وأقلها ثلاثة أو أربعة وهي صفة غالبة كأنها الجماعة الحافة حول شيء.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما : أربعة إلى أربعين رجلاً ﴿ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنعام : ٢٧] من المصدقين بالله.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٩٥
﴿ الزَّانِى لا يَنكِحُ إِلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَآ إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ﴾ [النور : ٣] أي الخبيث الذي من شأنه الزنا لا يرغب في نكاح الصوالح من النساء وإنما يرغب في خبيثة من شكله، أو في مشركة والخبيثة المسافحة كذلك لا يرغب في نكاحها الصلحاء من الرجال وإنما يرغب فيها من هو من شكلها من الفسقة، أو المشركين فالآية تزهيد في نكاح البغايا إذ الزنا عديل الشرك في القبح، والإيمان قرين العفاف والتحصن وهو نظير قوله الخبيثات للخبيثين وقيل : كان نكاح الزانية محرماً
١٩٦