على طريق من التوكيد لم يرد عليه ما هو معطوف عليه لأن الجملة الاسمية اكد من الجملة الفعلية وقد انضم إلى ذلك قوله هو وقوله مولود والسبب في ذلك أن الخطاب للمؤمنين وعليتهم قبض اباؤهم على الكفر فأريد حسم أطماعهم أن ينفعوا اباءهم بالشفاعة في الآخرة.
ومعنى التأكيد لفظ المولود أن الواحد منهم لو شفع للأب الأدنى الذي ولد منه لم تقبل شفاعته فضلاً أن يشفع لأجداده إذ الولد يقع على الولد وولد الولد بخلاف المولود فإنه لمن ولد منك كذا في الكشاف ﴿ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ ﴾ [غافر : ٧٧] بالبعث والحساب والجزاء ﴿ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَواةُ الدُّنْيَا ﴾ [لقمان : ٣٣] بزينتها فإن نعمتها دانية ولذتها فانية ﴿ وَلا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴾ [لقمان : ٣٣] الشيطان أو الدنيا أو الأمل.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤١٣
﴿ إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ﴾ [لقمان : ٣٤] أي وقت قيامها ﴿ وَيُنَزِّلُ ﴾ بالتشديد : شامي ومدني وعاصم، وهو عطف على ما يقتضيه الظرف من الفعل تقديره : إن الله يثبت عنده علم الساعة وينزل ﴿ الْغَيْثَ ﴾ في إبّانه من غير تقديم ولا تأخير ﴿ وَيَعْلَمُ مَا فِى الارْحَامِ ﴾ أذكر أم أنثى وتام أم ناقص ﴿ وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ ﴾ [لقمان : ٣٤] برة أو فاجرة ﴿ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ﴾ [لقمان : ٣٤] من خير أو شر وربما كانت عازمة على خير فعملت شراً وعازمة على شر فعملت خيراً ﴿ وَمَا تَدْرِى نَفْسُ بِأَىِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ﴾ [لقمان : ٣٤] أي أين تموت؟ وربما أقامت بأرض وضربت أوتادها وقالت لا أبرحها فترمي بها مرامي القدر حتى تموت في مكان لم يخطر ببالها.
روي أن ملك الموت مر على سليمان فجعل ينظر إلى رجل من جلسائه فقال الرجل : من هذا؟ فقال له : ملك الموت.
قال : كأنه يريدني وسأل سليمان عليه السلام أن يحمله على الريح ويلقيه ببلاد الهند ففعل ثم قال ملك الموت لسليمان : كان دوام نظري إليه تعجباً منه لأني أمرت أن أقبض روحه بالهند وهو عندك.
وجعل العلم لله والدارية للعبيد لما في الدارية من معنى الختل والحيلة،
٤١٤
والمعنى أنها لا تعرف وإن أعملت حيلها ما يختص بها ولا شيء أخص بالإنسان من كسبه وعاقبته، فإذا لم يكن له طريق إلى معرفتها كان معرفة ماعدتهما أبعد وأما المنجم الذي يخبر بوقت الغيث والموت فإنه يقول بالقياس والنظر في الطالع وما يدرك بالدليل لا يكون غيباً على أنه مجرد الظن والظن غير العلم.
وعن النبي صلى الله عليه وسلّم " مفاتح الغيب خمس " وتلا هذه الآية.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما : من ادّعى علم هذه الخمسة فقد كذب.
ورأى المنصور في منامة صورة ملك الموت وسأله عن مدة عمره فأشار بأصابعه الخمس فعبرها المعبرون بخمس سنوات وبخمسة أشهر وبخمسة أيام فقال أبو حنيفة رضي الله عنه : هو إشارة إلى هذه الآية، فإن هذه العلوم الخمسة لا يعلمها إلا الله ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمُ ﴾ [آل عمران : ١١٩] بالغيوب ﴿ خَبِيرٌ ﴾ بما كان ويكون.
وعن الزهريّ رضي الله تعالى عنه : أكثروا قراءة سورة لقمان فإن فيها أعاجيب.
٤١٥
سورة السجدة
مكية وهي ثلاثون آية مدني وكوفي، وتسع وعشرون آية بصري
﴿ الاـم ﴾ على أنها اسم السورة مبتدأ وخبره ﴿ تَنزِيلُ الْكِتَـابِ ﴾ [
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤١٦


الصفحة التالية
Icon