﴿ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ﴾ [الطور : ٤٨] أي بحيث نراك ونكلؤك.
وجمع العين لأن الضمير بلفظ الجماعة ألا ترى إلى قوله ﴿ وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِى ﴾ [طه : ٣٩] (طه : ٩٣) ﴿ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ﴾ [الطور : ٤٨] للصلاة وهو ما يقال بعد التكبير سبحانك اللهم وبحمدك، أو من أي مكان قمت أو من منامك ﴿ وَمِنَ الَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَـارَ النُّجُومِ ﴾ وإذا أدبرت النجوم من آخر الليل وأدبار زيد أي في أعقاب النجوم وآثارها إذا غربت، والمراد الأمر بقول سبحان الله وبحمده في هذه الأوقات.
وقيل : التسبيح الصلاة إذا قام من نومه، ومن الليل صلاة العشاءين، وإدبار النجوم صلاة الفجر.
٢٨٤
سورة النجم
اثنتان وستون آية مكية

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ وَالنَّجْمِ ﴾ أقسم بالثريا أو بجنس النجوم ﴿ إِذَا هَوَى ﴾ [النجم : ١] إذا غرب أو انتثر يوم القيامة وجواب القسم ﴿ مَا ضَلَّ ﴾ [النجم : ٢] عن قصد الحق ﴿ صَاحِبُكُمْ ﴾ أي محمد صلى الله عليه وسلّم والخطاب لقريش ﴿ وَمَا غَوَى ﴾ [النجم : ٢] في اتباع الباطل.
وقيل : الضلال نقيض الهدى والغي نقيض الرشد أي هو مهتد راشد وليس كما تزعمون من نسبتكم إياه إلى الضلال والغي ﴿ يُوحَى ﴾ وما أتاكم به من القرآن ليس بمنطق يصدر عن هواه ورأيه إنما هو وحي من عند الله يوحى إليه.
ويحتج بهذه الآية من لا يرى الاجتهاد للأنبياء عليهم السلام، ويجاب بأن الله تعالى إذا سوغ لهم الاجتهاد وقررهم عليه كان كالوحي لا نطقاً عن الهوى.
﴿ عَلَّمَهُ ﴾ علم محمداً عليه السلام ﴿ شَدِيدُ الْقُوَى ﴾ [النجم : ٥] ملك شديد قواه والإضافة غير حقيقية لأنها إضافة الصفة المشبهة إلى فاعلها، وهو جبريل عليه السلام عند
٢٨٥
الجمهور، ومن قوته أنه اقتلع قرى قوم لوط من الماء الأسود وحملها على جناحه ورفعها إلى السماء ثم قلبها وصاح صيحة بثمود فأصبحوا جاثمين ﴿ ذُو مِرَّةٍ ﴾ [النجم : ٦] ذو منظر حسن عن ابن عباس ﴿ فَاسْتَوَى ﴾ فاستقام على صورة نفسه الحقيقية دون الصورة التي كان يتمثل بها كلما هبط بالوحي، وكان ينزل في صورة دحية وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أحب أن يراه في صورته التي جبل عليها فاستوى له في الأفق الأعلى وهو أفق الشمس فملأ الأفق.
وقيل : ما رآه أحد من الأنبياء عليهم السلام في صورته الحقيقية سوى محمد صلى الله عليه وسلّم مرتين مرة في الأرض ومرة في السماء.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٨٥
﴿ وَهُوَ ﴾ أي جبريل عليه السلام ﴿ بِالافُقِ الاعْلَى ﴾ [النجم : ٧] مطلع الشمس ﴿ ثُمَّ دَنَا ﴾ [النجم : ٨] جبريل من رسول الله صلى الله عليه وسلّم ﴿ فَتَدَلَّى ﴾ فزاد في القرب، والتدلي هو النزول بقرب الشيء ﴿ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ ﴾ [النجم : ٩] مقدار قوسين عربيتين.
وقد جاء التقدير بالقوس والرمح والسوط والذراع والباع ومنه :" لا صلاة إلى أن ترتفع الشمس مقدار رمحين "، وفي الحديث :" لقاب قوس أحدكم من الجنة وموضع قده خير من الدنيا وما فيها ".
والقد السوط وتقديره فكان مقدار مسافة قربه مثل قاب قوسين فحذفت هذه المضافات ﴿ أَوْ أَدْنَى ﴾ [النجم : ٩] أي على تقديركم كقوله ﴿ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ [الصافات : ١٤٧](الصافات : ٧٤١) وهذا لأنهم خوطبوا على لغتهم ومقدار فهمهم وهم يقولون هذا قدر رمحين أو أنقص.
وقيل : بل أدنى ﴿ فَأَوْحَى ﴾ جبريل عليه السلام ﴿ إِلَى عَبْدِهِ ﴾ [النجم : ١٠] إلى عبد الله وإن لم يجر لاسمه
٢٨٦


الصفحة التالية
Icon