﴿ فَأَمَّآ إِن كَانَ ﴾ [الواقعة : ٨٨] المتوفى ﴿ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ ﴾ [الواقعة : ٨٨] من السابقين من الأزواج الثلاثة المذكورة في أول السورة ﴿ فَرَوْحٌ ﴾ فله استراحة ﴿ وَرَيْحَانٌ ﴾ ورزق ﴿ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ ﴾ أي فسلام لك يا صاحب اليمين من إخوانك أصحاب اليمين أي يسلمون عليك كقوله ﴿ إِلا قِيلا سَلَـامًا سَلَـامًا ﴾ [الواقعة : ٢٦] ﴿ وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّآلِّينَ ﴾ [الواقعة : ٩٢] هم الصنف الثالث من الأزواج الثلاثة وهم الذين قيل لهم في هذه السورة ﴿ ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّآلُّونَ الْمُكَذِّبُونَ ﴾ [الواقعة : ٥١] ﴿ فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ * وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ ﴾ أي إدخال فيها.
وفي هذه الآيات إشارة إلى أن الكفر كله ملة واحدة، وأن أصحاب الكبائر من أصحاب اليمين لأنهم غير مكذبين ﴿ إِنَّ هَـاذَا ﴾ [ص : ٢٣] الذي أنزل في هذه السورة ﴿ لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ ﴾ [الواقعة : ٩٥] أي الحق الثابت من اليقين ﴿ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ﴾ [الواقعة : ٧٤] روي أن عثمان بن عفان رضي الله عنه دخل على ابن مسعود رضي الله عنه في مرض موته فقال له : ما تشتكي؟ فقال : ذنوبي.
فقال : ما تشتهي؟ قال : رحمة ربي.
قال : أفلا تدعو الطبيب؟ قال : الطبيب أمرضني.
فقال : ألا نأمر بعطائك؟ قال : لا حاجة لي فيه.
قال : ندفعه إلى بناتك.
قال : لا حاجة لهن فيه قد أمرتهن أن يقرأن سورة الواقعة فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول :" من قرأ سورة الواقعة في كل ليلة لم تصبه فاقة أبداً " وليس في هذه السور الثلاث ذكر الله : اقتربت، الرحمن، الواقعة.
٣٢٧
سورة الحديد
مكية وهي تسع وعشرون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ سَبَّحَ لِلَّهِ ﴾ [الحديد : ١] جاء في بعض الفواتح " سبح " بلفظ الماضي، وفي بعضها بلفظ المضارع، وفي " بني إسرائيل " بلفظ المصدر، وفي " الأعلى " بلفظ الأمر استيعاداً لهذه الكلمة من جميع جهاتها وهي أربع : المصدر والماضي والمضارع والأمر.وهذا الفعل قد عدي باللام تارة وبنفسه أخرى في قوله
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٢٨
﴿ وَتُسَبِّحُوهُ ﴾ (الفتح : ٩) وأصله التعدي بنفسه لأن معنى سبحته بعدته من السوء منقول من سبح إذا ذهب وبعد، فاللام إما أن تكون مثل اللام في نصحته ونصحت له، وإما أن يراد بسبح الله اكتسب التسبيح لأجل الله ولوجهه خالصاً ﴿ مَا فِى السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ ﴾ [يونس : ٥٥] ما يتأتى منه التسبيح ويصح ﴿ وَهُوَ الْعَزِيزُ ﴾ [إبراهيم : ٤] المنتقم من مكلف لم يسبح له عناداً ﴿ الْحَكِيمُ ﴾ في مجازاة من سبح له انقياداً ﴿ لَّهُ مُلْكُ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ ﴾ [الزمر : ٤٤] لا لغيره وموضع ﴿ يُحْىِ ﴾ رفع أي هو يحيي الموتى ﴿ وَيُمِيتُ ﴾ الأحياء أو نصب أي له ملك السماوات والأرض محيياً ومميتاً
٣٢٨
﴿ الاوَّلُ ﴾ هو القديم الذي كان قبل كل شيء ﴿ وَالاخِرُ ﴾ الذي يبقي بعد هلاك كل شيء ﴿ وَالظَّـاهِرُ ﴾ بالأدلة الدالة عليه لكونه غير مدرك بالحواس وإن كان مرئياً.
والواو الأولى معناها الدلالة على أنه الجامع بين الصفتين الأولية والآخرية، والثالثة على أنه الجامع بين الظهور والخفاء، وأما الوسطى فعلى أنه الجامع بين مجموع الصفتين الأوليين ومجموع الصفتين الأخريين فهو مستمر الوجود في جميع الأوقات الماضية والآتية، وهو في جميعها ظاهر وباطن.
وقيل : الظاهر العالي على كل شيء الغالب له من ظهر عليه إذا علاه وغلبه، والباطن الذي بطن كل شيء أي علم باطنه ﴿ وَهُوَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة : ٢٩].