﴿ يَـا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا ﴾ [البقرة : ٢٧٨] الخطاب لأهل الكتاب ﴿ اتَّقُوا اللَّهَ وَءَامِنُوا بِرَسُولِهِ ﴾ [الحديد : ٢٨] محمد صلى الله عليه وسلّم ﴿ يُؤْتِكُمْ ﴾ الله ﴿ كِفْلَيْنِ ﴾ نصيبين ﴿ مِن رَّحْمَتِهِ ﴾ [الروم : ٤٦] لإيمانكم بمحمد صلى الله عليه وسلّم وإيمانكم بمن قبله ﴿ وَيَجْعَل لَّكُمْ ﴾ [نوح : ١٢] يوم القيامة ﴿ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ ﴾ [الحديد : ٢٨] وهو النور المذكور في قوله ﴿ يَسْعَى نُورُهُم ﴾ [الحديد : ١٢] الآية ﴿ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ﴾ [آل عمران : ٣١] ذنوبكم ﴿ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * لِّئَلا يَعْلَمَ ﴾ ليعلم ﴿ أَهْلُ الْكِتَـابِ ﴾ [آل عمران : ٧٢] الذين لم يسلموا و " لا " مزيدة ﴿ أَلا يَقْدِرُونَ ﴾ [الحديد : ٢٩] " أن " مخففة من الثقيلة أصله أنه لا يقدرون يعني أن الشأن لا يقدرون ﴿ عَلَى شَىْءٍ مِّن فَضْلِ اللَّهِ ﴾ [الحديد : ٢٩] أي لا ينالون شيئاً مما ذكر من فضل الله من الكفلين والنور والمغفرة لأنهم لم يؤمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلّم فلم ينفعهم إيمانهم بمن قبله ولم يكسبهم فضلاً قط ﴿ وَأَنَّ الْفَضْلَ ﴾ [الحديد : ٢٩] عطف على ﴿ أَلا يَقْدِرُونَ ﴾ ﴿ بِيَدِ اللَّهِ ﴾ [آل عمران : ٧٣] أي في ملكه وتصرفه ﴿ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ ﴾ [الحديد : ٢١] من عباده ﴿ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [البقرة : ١٠٥] والله أعلم.
٣٣٩
سورة المجادلة
مدنية وهي اثنتان وعشرون آية

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِى تُجَـادِلُكَ ﴾ [المجادلة : ١] تحاورك وقريء بها، وهي خولة بنت ثعلبة امرأة أوس بن الصامت أخي عبادة رآها وهي تصلي وكانت حسنة الجسم، فلما سلمت راودها فأبت فغضب فظاهر منها فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقالت : إن أوساً تزوجني وأنا شابة مرغوب فيّ فلما خلا سني ونثرت بطني ـ أي كثر ولدي ـ جعلني عليه كأمه.
وروي أنها قالت : إن لي صبية صغاراً إن ضممتهم إليه ضاعوا وإن ضممتهم إليّ جاعوا.
فقال صلى الله عليه وسلّم :" ما عندي في أمرك شيء ".
وروي أنه قال لها : حرمت عليه.
فقالت : يا رسول الله ما ذكر طلاقاً وإنما هو أبو ولدي وأحب الناس إليّ.
فقال : حرمت عليه فقالت : أشكو إلى الله فاقتي ووجدي فكلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم حرمت عليه هتفت وشكت فنزلت
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٤٠
﴿ فِى زَوْجِهَا ﴾ [المجادلة : ١] في شأنه ومعناه ﴿ وَتَشْتَكِى إِلَى اللَّهِ ﴾ [المجادلة : ١] تظهر ما بها من المكروه ﴿ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَآ ﴾ [المجادلة : ١] مراجعتكما الكلام من حار إذا رجع ﴿ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعُ ﴾ [الحج : ٧٥] يسمع شكوى المضطر ﴿ بَصِيرٌ ﴾ بحاله
٣٤٠
﴿ الَّذِينَ يُظَـاهِرُونَ ﴾ [المجادلة : ٢] عاصم ﴿ يُظَـاهِرُونَ ﴾ : حجازي وبصري غيرهم ﴿ يُظَـاهِرُونَ ﴾ وفي ﴿ مِنكُم ﴾ توبيخ للعرب لأنه كان من أيمان أهل جاهليتهم خاصة دون سائر الأمم ﴿ مِن نِّسَآ ـاِهِمْ ﴾ [البقرة : ٢٢٦] زوجاتهم ﴿ مَّا هُنَّ أُمَّهَـاتِهِمْ ﴾ [المجادلة : ٢] أمهاتهم المفضل، الأول حجازي والثاني تميمي ﴿ إِنْ أُمَّهَـاتُهُمْ إِلا الَّـائِى وَلَدْنَهُمْ ﴾ يريد أن الأمهات على الحقيقة الوالدات والمرضعات ملحقات بالوالدات بواسطة الرضاع، وكذا أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلّم لزيادة حرمتهن، وأما الزوجات فأبعد شيء من الأمومة فلذا قال ﴿ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ ﴾ [المجادلة : ٢] تنكره الحقيقة والأحكام الشرعية ﴿ وَزُورًا ﴾ وكذباً باطلاً منحرفاً عن الحق ﴿ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ﴾ [المجادلة : ٢] لما سلف منهم.


الصفحة التالية
Icon