﴿ قُلْ أَرَءَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِىَ اللَّهُ ﴾ أي أماتني الله كقوله ﴿ إِنِ امْرُؤٌا هَلَكَ ﴾ [النساء : ١٧٦] (النساء : ٦٧١)
٤٠٦
﴿ وَمَن مَّعِىَ ﴾ [الملك : ٢٨] من أصحابي ﴿ أَوْ رَحِمَنَا ﴾ [الملك : ٢٨] أو أخر في آجالنا ﴿ فَمَن يُجِيرُ ﴾ [الملك : ٢٨] ينجي ﴿ الْكَـافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [الملك : ٢٨] مؤلم.
كان كفار مكة يدعون على رسول الله صلى الله عليه وسلّم وعلى المؤمنين بالهلاك فأمر بأن يقول لهم : نحن مؤمنون متربصون لإحدى الحسنيين، إما أن نهلك كما تتمنون فننقلب إلى الجنة، أو نرحم بالنصرة عليكم متربصون لإحدى الحسنيين، إما أن نهلك كما تتمنون فتقلب إلى الجنة، أو نرحم بالنصرة عليكم كما نرجو، فأنتم ما تصنعون من مجيركم وأنتم كافرون من عذاب النار لا بد لكم منه ﴿ قُلْ هُوَ الرَّحْمَـانُ ﴾ [الملك : ٢٩] أي الذي أدعوكم إليه الرحمن ﴿ ءَامَنَّا بِهِ ﴾ [القصص : ٥٣] صدقنا به ولم نكفر به كما كفرتم ﴿ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا ﴾ [الملك : ٢٩] فوضنا إليه أمورنا ﴿ فَسَتَعْلَمُونَ ﴾ إذا نزل بكم العذاب وبالياء : علي ﴿ مَنْ هُوَ فِى ضَلَـالٍ مُّبِينٍ ﴾ [الملك : ٢٩] نحن أم أنتم ﴿ قُلْ أَرَءَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَآؤُكُمْ غَوْرًا ﴾ [الملك : ٣٠] غائراً ذاهباً في الأرض لا تناله الدلاء، وهو وصف بالمصدر كعدل بمعنى عادل ﴿ فَمَن يَأْتِيكُم بِمَآءٍ مَّعِين ﴾ [الملك : ٣٠] جارٍ يصل إليه من أراده.
وتليت عند ملحد فقال : يأتي بالمعول والمعن فذهب ماء عينه في تلك الليلة وعمي.
وقيل : إنه محمد بن زكريا المتطبب زادنا الله بصيرة.
٤٠٧
سورة القلم
مكية وهي اثنتان وخمسون آية

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ ﴾ الظاهر أن المراد به هذا الحرف من حروف المعجم.
وأما قول الحسن : إنه الدواة، وقول ابن عباس : إنه الحوت الذي عليه الأرض واسمه بهموت، فمشكل لأنه لا بد له من الإعراب سواء كان اسم جنس أو اسم علم، فالسكون دليل على أنه من حروف المعجم ﴿ وَالْقَلَمِ ﴾ أي ما كتب به اللوح، أو قلم الملائكة، أو الذي يكتب به الناس، أقسم به لما فيه من المنافع والفوائد التي لا يحيط بها الوصف ﴿ وَمَا يَسْطُرُونَ ﴾ [القلم : ١] أي ما يسطره الحفظة أو ما يكتب به من الخير من كتب.
و " ما " موصولة أو مصدرية، وجواب القسم ﴿ مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ ﴾ [القلم : ٢] أي بإنعامه عليك بالنبوة وغيرها فـ ﴿ أَنتَ ﴾ اسم " ما " وخبرها ﴿ بِمَجْنُونٍ ﴾ و ﴿ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ ﴾ [الطور : ٢٩] اعتراض بين الاسم والخبر، والباء في ﴿ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ ﴾ [الطور : ٢٩] تتعلق بمحذوف ومحله النصب على الحال والعامل فيها ﴿ بِمَجْنُونٍ ﴾ وتقديره : ما أنت بمجون منعماً عليك بذلك.
ولم تمنع الباء أن يعمل مجنون فيما قبله لأنها زائدة لتأكيد النفي وهو جواب قولهم ﴿ وَقَالُوا يَـا أَيُّهَا الَّذِى نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ ﴾ (الحجر : ٦) ﴿ وَإِنَّ لَكَ ﴾ [القلم : ٣] على احتمال ذلك والصبر عليه ﴿ لاجْرًا ﴾ لثواباً ﴿ غَيْرَ مَمْنُونٍ ﴾ [فصلت : ٨]
٤٠٨
غير مقطوع أو غير ممنون عليك به ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم : ٤] قيل : هو ما أمره الله تعالى به في قوله :﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَـاهِلِينَ ﴾ [الأعراف : ١٩٩] (الأعراف : ٩٩١).
وقالت عائشة رضي الله عنها : كان خلقه القرآن أي ما فيه من مكارم الأخلاق.
وإنما استعظم خلقه لأنه جاد بالكونين وتوكل على خالقهما.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٠٨


الصفحة التالية
Icon