تفسير سورة الحجر
وهي مكية وآيها تسع وتسعون كما في التفاسير الشريفة
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٣٨
﴿الرَ﴾ اسم للسورة وعليه الجمهور أي هذه السورة مسماة بالر.
وقال الكاشفي : علما را در حروف مقطعة أقاويل بسيارست جمعي بر آنندكه مطلقاً درباب آن سخن كفتن سلوك سبيل جرأتست.
ودر ينابيع آورده كه فارقو را از معنى اين حروف رسيدند فرمودند اكردورى سخن كويم متكلف باشم وحق تعالى يغمبر خودرا فرموده كه بكو وما أنا من المتكلفين) يقول الفقير : إنما عد حضرة الفاروق رضي الله عنه المقال فيه من باب التكلف لا من قبيل ما يعرف بالذوق الصحيح والمشرب الشافي، واللسان قاصر عن إفادة ما هو كذلك على حقيقته لأنه ظرف الحروف والألفاظ لا ظرف المعاني والحقائق ولا مجال له لكونه منتهياً مقيداً أن يسع فيه ما لا نهاية له.
وفيه إشعار بأن الكلام فيه ممكن في الجملة، وأما قول من قال : إن هذه الحروف من أسرار استأثر الله بعلمها ففي حق القاصرين عن فهم حقائق القرآن والخالين عن ذوق هذا الشأن وعلم عالم المشاهدة والعيان، وإلا فالذي استأثر الله بعلمه إنما هي الممتنعات وهي ما لم يشم رائحة الوجود بل بقى في غيب العلم المكنون بخلاف هذه الحروف فإنها ظهرت في عالم العين، وما هو كذلك لا بد وأن يتعلق به علم الأكملين لكونه من مقدوراتهم فالفرق بين علم الخالق والمخلوق أن علم الخالق عام شامل بخلاف علم المخلوق فافهم هداك الله (وبعضي كويند هر حرفي اشارت باسميست نانه در الر الف اشارت باسم الله است ولام باسم جبريل ورا باسم خضرت رسول الله اين كلام ازخداي تعالى بواسطه جبريل برسول رسيده) تلك السورة العظيمة الشأن.
آيات الكتاب الكامل الحقيق باختصاص اسم الكتاب على الإطلاق على ما يدل عليه اللام أي بعض من جميع القرآن أو من جميع المنزل إذ ذاك أو آيات اللوح المحفوظ وقرآن عظيم الشأن مبين مظهر لما في تضاعيفه من الحكم والمصالح أو لسبيل الرشد والغي أو فارق بين الحق والباطل والحلال والحرام فهو من أبان المتعدي ويمكن أن يجعل من اللازم، الظاهر أمره في الإعجاز، أو الواضحة معانيه للمتدبرين، أو البين للذين أنزل عليهم لأنه بلغتهم وأساليبهم، وعطف القرآن على الكتاب من عطف إحدى الصفتين على الأخرى أي الكلام الجامع بين التكابية والقرآنية.
وفي : التأويلات النجمية يشير بكلمة تلك إلى قوله : الر أي كل حرف
٤٣٩
من هذه الحروف حرف من آية من آيات الكتاب و هي قرآن مبين.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٣٩
فالألف إشارة إلى آية الله لا إله إلا هو الحي القيوم}(البقرة : ٢٥٥).
واللام إشارة إلى آية ﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالارْضِا يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ﴾ (الفتح : ١٤).
والراء إشارة إلى آية ﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَآ﴾ (الأعراف : ٢٣) فالله تعالى اقسم بهذه الآيات الثلاث بإشارة هذه الحروف الثلاثة ثم اقسم بجميع القرآن بقوله :﴿وَقُرْءَانٍ مُّبِينٍ﴾.
ربما رب ههنا للتكثير كما في مغني اللبيب.
والمعنى بالفارسية أي بساوقت كه يود يتمنى في الآخرة الذين كفروا بالقرآن وبكونه من عند الله لو كانوا مسلمين يعني في الدنيا مستسلمين لأحكام الله تعالى وأوامره ونواهيه ومفعول يود محذوف لدلالة لو كانوا مسلمين عليه أي يودون الإسلام على أن لو للتمني حكاية لودادتهم فلا تقتضي جواباً، وإنما جيء بها على لفظ الغيبة نظراً إلى أنهم مخبر عنهم ولو نظر إلى الحكاية لقيل لو كنا مسلمين، وأما من جعل لو الواقعة بعد فعل يفهم منه معنى التمني حرفاً مصدرية فمفعول يود عنده لو كانوا مسلمين، على أن يكون الجملة في تأويل المفرد، وفي الحديث : إذا كان يوم القيامة واجتمع أهل النار ومعهم من شاء الله من أهل القبلة، قال الكفار، لمن في النار من أهل القبلة : ألستم مسلمين؟ فقالوا : بلى قالوا فما أغنى عنكم إسلامكم؟ وأنتم معنا في النار؟ قالوا كانت لنا ذنوب فأخذنا بها فيغضب الله لهم يفضل رحمته فيأمر بكل من كان من أهل القبلة في النار فيخرجون منها فحينئذٍ يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين وفي الحديث : لا يزال الرب يرحم ويشفع إليه حتى يقول من كان من المسلمين فليدخل الجنة فعند ذلك يتمنون الإسلام أي : يتمنونه أشد التمني ويودونه أشد الودادة وإلا فنفس الودادة ليست بمختصة بوقت دون وقت بل هي مستمرة في كل آن يمر عليهم قبل دخول النار وبعده كما يدل عليه رب التكثيرية.
وقال بعضهم : ربما يود الذين فسقوا لو كانوا مطيعين وربما يود الذين كسلوا لو كانوا مجتهدين وربما يود الذين غفلوا لو كانوا ذاكرين.
اكر مرده مسكين زبان داشتى
بفرياد وزاري فغان داشتى
كه اي زنده ون هست امكان كفت
لب از ذكر ون مرده برهم مخفت
ومارا بغفلت بشد روز كار
توبارى دمي ند فرصت شمار
وقال عبد الله بن المبارك : ما خرج أحد من الدنيا من مؤمن وكافر إلا على ندامة وملامة لنفسه، فالكافر لما يرى من سوء ما يجازي به، والمؤمن لرؤية تقصيره في القيام بموجب الخدمة وترك الحرمة وشكر النعمة.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٣٩
وقال ابن العرجي : الكفران هنا كفران النعمة ومعناه ربما يود الذين جهلوا نعم الله عندهم وعليهم أن لو كانوا شاكرين عارفين برؤية الفضل والمنة.
يقول الفقير : عبارة الكفر وإن كانت شاملة لكفر الوحدة وكفر النعمة لكن الآية نص في الأول ولا مزاحمة في باب المعاني الثواني التي هي من قبيل الإشارات القرآنية والمدلولات المحتملة فعليك العمل بالكل فإنه سلوك لخير السبل.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٣٩
﴿ذَرْهُمْ﴾ أي دع الكفار يا محمد عن النهي عما هم عليه بالتذكرة والنصيحة لا سبيل إلى ارعوائهم عن ذلك.
والآية منسوخة بآية القتال كما في بحر العلوم.