سورة النحل
وهي مكية إلا من ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ﴾ إلى آخرها وهي مائة وثمان وعشرون آية
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٩٤
﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ﴾ روي أن كفار قريش كانوا يستبطئون نزول العذاب الموعود لهم سخرية بالنبي عليه السلام وتكذيباً للوعد ويقولون إن صح ما يقولون من مجيىء العذاب فالأصنام تشفع لنا وتخلصنا منه فنزلت.
وأمر الله هو العذاب الموعود لأن تحققه منوط بحكمه النافذ وقضائه الغالب وإتيانه عبارة عن دنوه واقترابه على طريقة نظم المتوقع في سلك الواقع وقد وقع يوم بدر.
والمعنى دنا واقترب ما وعدتم به أيها الكفرة ﴿فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ أي : أمر الله ووقوعه إذ لا خير لكم فيه ولا خلاص لكم منه واستعجالهم وإن كان بطريق الاستهزاء لكنه حمل على الحقيقة ونهوا عنه بضرب من التهكم والاستعجال طلب الشيء قبل حينه ﴿سُبْحَانَهُ﴾ (اكست خداي) ﴿وَتَعَالَى﴾ (وبر ترست) ﴿عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ أي : تبرأ وتقدس بذاته عن أن يكون له شريك فيدفع ما أراد بهم بوجه من الوجوه ولما كان المنزه للذات الجليلة هو نفس الذات آل التنزيه إلى معنى التبري.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما لما أنزل الله تعالى ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ﴾ (القمر : ٤١) قال الكفار بعضهم لبعض : إن هذا يزعم أن القيامة قد قربت فأمسكوا بعض ما كنتم تعملون حتى ننظر ما هو كائن فلما رأوا أنه لا ينزل شيء قالوا : ما نرى شيئاً فأنزل ﴿اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ﴾ (الأنبياء : ١) الآية فاشفقوا وانتظروا قرب الساعة فلما امتدت الأيام قالوا : يا محمد ما نرى شيئاً مما تخوفنا به فأنزل الله تعالى ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ﴾ فوثب النبي عليه السلام قائماً مخافة الساعة وحذر الناس من قيامها ورفع الناس رؤوسهم فنزل ﴿فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ أي :


الصفحة التالية
Icon