سورة طه
مائة وخمس وثلاثون آية مكية
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٦٠
﴿طه﴾ اختلفوا فيه أكثر مما في غيره من المقطعات.
فقال بعضهم هو اسم القرآن أو اسم السورة أو اسم الله أو مفتاح الاسم الطاهر والهادي.
وقال بعضهم هو اسم من أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلّم مثل أحمد ويس وغير ذلك كما قال عليه السلام :"أنا محمد وأنا أحمد والفاتح والقاسم والحاشر والعاقب والماحي وطه ويس" ويؤيده الخطاب في عليك فيكون حرف النداء محذوفاً أي : يا طه والطاء والهاء إشارة إلى أنه عليه السلام طالب الشفاعة للناس وهادي البشر أو أنه طاهر من الذنوب وهاد إلى معرفة علام الغيوب.
قال الكاشفي :(ياطا طهارت دل اوست از غير حق تعالى وها هدايت او بقرب حق).
قال الإمام جعفر الصادق ـ رضي الله عنه ـ طه قسم بطهارة أهل البيت وهدايتهم كما قال تعالى :﴿وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ (الأحزاب : ٣٣) أو بطوبى والهاوية أي : الجنة والنار.
وفي "زاد المسير" الطاء طيبة والهاء مكة والله تعالى أقسم بهذين الحرمين أو الطاء طلب الغزاة والهاء هرب الكفار أو طلب أهل الجنان وهوان أرباب النيران.
وفي "التأويلات النجمية" : يا من طوى به بساط النبوة وأيضاً يا من طوى به المكونات إلى هويتنا انتهى.
وقال بعضهم : إنه ليس من الحروف المقطعة بل هو موضوع بازاء يا رجل بلغة عك أو بلسان الحبشة أو النبطية أو السريانية والمراد به حضرة الرسالة (ودر بعضى تفاسير آمده كه طا بحساب جمل نه است وهان ومجموع هارده باشد وغالب آنست كه ماه را مرتبه بدريت
٣٦١
در هاردهم حاصل شود س در ضمن اين خطاب مندر جست كه اى ماه شب هارده ومنادى حضرت رسالنست وبدريت اشارت بكمال مرتبة جغامعيت آن حضرت) كما لا يخفى على العرفاء :
ماه ون كامل شود انور بود
وانكه او مرآت نهور خور بود
كاه ماء بدرى وكه شاه بدر
صدرتو مشروح وكارت شرح صدر
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٦١
درشب تاريكى وكفر وضلال
ازمهت روشن شود نور جلال
جوز الحسن طه بوزن هب على أنه أمر للرسول عليه السلام بأن يطأ الأرض بقدميه معاً فإنه لما نزل عليه الوحي اجتهد في العبادة وكان يصلي الليل كله ويقوم على إحدى رجليه تخفيفاً على الأخرى لطول القيام ويتعب نفسه كل الإتعاب فيكون أصله طأ من وطىء يطأ قلبت همزته هاء.
وفي الحديث "إن الله تعالى قرأ طه ويس قبل أن يخلق آدم بألفي عام فلما سمعت الملائكة القرآن قالت : طوبى لأجواف تحمل هذا وطوبى لأمة محمد ينزل هذا عليهم وطوبى لألسن تتكلم بهذا" رواه الطبراني وصاحب الفردوس.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم "أعطيت السورة التي ذكرت فيها البقرة من الذكر الأول وأعطيت طه وطواسين من ألواح موسى وأعطيت فواتح القرآن وخواتيم السورة التي ذكرت فيها البقرة من تحت العرش وأعطيت المفصل نافلة" كذا في "بحر العلوم".
﴿مَآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ لِتَشْقَى﴾ الشقاء شائع بمعنى التعب ومن أشقى من رائض المهر أي : أتعب ممن يجعل المهر وهو ولد الفرس صالحاً للركوب بأن تزول عنه الصعوبة وينقاد لصاحبه وفي ذلك العمل مشقة وتعب للرائض ولذلك يضرب به المثل والمعنى لتتعب بفرط تأسك على كفر قريش إذ ما عليك إلا البلاغ وقد فعلت فلا عليك أن يؤمنوا به بعد ذلك أو بكثرة الرياضة وكثرة التهجد والقيام على ساق إذ ما بعثت إلا بالحنيفية السمحة وبالفارسية (نفر ستاديم ما برتوقر آنرا تادررنج افتى وشب خواب نكنى وبواسطه قيام درنماز الم ورم باى مباركت رسد).
وفي "التأويلات النجمية" :﴿مَآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ لِتَشْقَى﴾ في الدنيا أو العقبى بل أنزلناه على قلبك لتسعد بتخلقك بخلقه لتكون على خلق عظيم وليسعد بك أهل السموات وأهل الأرضين فتكون الشقاوة ضد السعادة ويجوز أن يكون رداً للمشركين وتكذيباً لهم فإن أبا جهل والنضر بن الحارث قالا له : إنك شقي لأنك تركت دين آبائك وأن القرآن أنزل عليك لتشقى به فأريد رد ذلك بأن دين الإسلام وهذا القرآن هو السلم إلى نيل كل فوز والسبب في درك كل سعادة وما فيه الكفرة هو الشقاوة بعينها.