سورة الفرقان
مكية آيها سبع وسبعون في قول الجمهور
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٨٦
﴿تَبَارَكَ الَّذِى نَزَّلَ الْفُرْقَانَ﴾ أي تكاثر خير الذي إلخ فالمضاف محذوف من البركة وهي كثرة الخير وترتيبه على تنزيل الفرقان لما فيه من كثرة الخير دينياً ودنيوياً أو معناه تزايد على كل شيء وتعالى عنه في صفاته وأفعاله فإن البركة تتضمن معنى الزيادة فترتيبه عليه لدلالته على تعاليه.
قال المولى الفناري في "تفسير الفاتحة" : يروى أن الصاحب ابن عباد كان يتردد في معنى الرقيم وتبارك والمتاع ويدور على قبائل العرب فسمع امرأة تسأل أين المتاع؟ ويجيب ابنها الصغير بقوله جاء الرقيم وأخذ المتاع وتبارك الجبل فاستفسر عنهم وعرف أن الرقيم الكلب وأن المتاع هو ما يبل بالماء فيمسح به القصاع وأن تبارك بمعنى صعد.
وقال بعضهم : البركة ثبوت الخير الإلهي في الشيء وسمي محبس الماء بركة لدوام الماء فيها وثبوته.
فمعنى تبارك دام دواماً ثابتاً لا انتقال له ولهذا لا يقال له يتبارك مضارعاً لأنه للانتقال.
قال في "برهان القرآن" : هذه لفظة لا تستعمل إلاولا تستعمل إلا بلفظ الماضي وخص هذا الموضع بالذكر لأن ما بعده أمر عظيم وهو القرآن المشتمل على معاني جميع كتب الله.
والفرقان مصدر فرق بين الشيئين أي فصل وسمي به القرآن لغاية فرقه بين الحق والباطل والمؤمن والكافر ﴿عَلَى عَبْدِهِ﴾ الأخلص ونبيه الأخص وحبيبه الأعلى وصفيه الأولى محمد المصطفى
١٨٧
صلى الله عليه وسلّم وفيه تشريف له بالعبدية المطلقة وتفضيل بها على جميع الأنبياء فإنه تعالى لم يسم أحداً منهم بالعبد مطلقاً كقوله تعالى :﴿عَبْدَهُ زَكَرِيَّآ﴾ (مريم : ٢) وتنبيه على أن الرسول لا يكون إلا عبداً للمرسل رداً على النصارى ولذا قدم في التشهد عبده على رسوله.
﴿لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾ غاية للتنزيل أي ليكون العبد منذراً بالقرآن للإنس والجنّ فمن عاصره أو جاء بعده ومخوفاً من عذاب الله وموجبات سخطه.
فالنذير بمعنى المنذر والإنذار إخبار فيه تخويف كما أن التبشير إخبار فيه سرور.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٨٧
قال الإمام الراغب : العالم اسم للفلك وما يحويه من الجواهر والأعراض وهو في الأصل اسم لما يعلم به كالطابع والخاتم لما يطبع ويختم به وجعل بناؤه على هذه الصيغة لكونه كالآلة فالعالم آلة في الدلالة على صانعه وأما جمعه فلأن كل نوع قد يسمى عالماً فيقال : عالم الإنسان وعالم الماء وعالم النار وأما جمعه السلامة السلامة فلكون الناس في جملتهم والإنسان إذا شارك غيره في اللفظ غلب حكمه انتهى.


الصفحة التالية
Icon