سورة لقمان
أربع وثلاثون آية مكية
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٦١
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٦٢
﴿الم﴾ أي : هذه سورة الم.
قال بعضهم الحروف المقطعات مبادي السور ومفاتيح كنوز العبر.
والإشارة ههنا بهذه الحروف الثلاثة إلى قوله : أنا الله ولي جميع صفات الكمال ومني الغفران والإحسان.
وقال بعضهم : الألف إشارة إلى إلفة العارفين واللام إلى لطف صنعه مع المحسنين والميم إلى معالم محبة قلوب المحبين.
وقال بعضهم يشير بالألف إلى آلائه وباللام إلى لطفه وعطائه وبالميم إلى مجده وثنائه فبآلائه رفع الجحد من قلوب الأولياء وبلطف عطائه أثبت المحبة في أسرار أصفيائه وبمجده وثنائه مستغن عن جميع خلقه بوصف كبريائه :
مراورا رسد كبريا ومنى
كه ملكش قد يمست وذاتش غنى
﴿تِلْكَ﴾ أي : هذه السورة وآياتها ﴿الْكِتَابِ الْحَكِيمِ * هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ﴾ أي : ذي الحكمة لاشتماله عليها أو المحكم المحروس من التغيير والتبديل والممنوع من الفساد والبطلان فهو فعيل بمعنى المفعل وإن كان قليلاً كما قالوا أعقدت اللبن فهو عقيد أي : معقد.
﴿تِلْكَ ءَاَيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ * هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالاخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أولئك عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وأولئك هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾
﴿هُدًى﴾ من الضلالة
٦٢
وهو بالنصب على الحالية من الآيات والعامل معنى الإشارة ﴿وَرَحْمَةً﴾ من العذاب.
وقال بعضهم سماه هدى لما فيه من الدواعي إلى الفلاح والإلطاف المؤدية إلى الخيرات فهو هدى ورحمة للعابدين ودليل وحجة للعارفين.
وفي "التأويلات النجمية" هدى يهدي إلى الحق ورحمة لمن اعتصم به يوصله بالجذبات المودعة فيه إلى الله تعالى ﴿لِّلْمُحْسِنِينَ﴾ أي : العاملين للحسنات والمحسن لا يقع مطلقاً إلا مدحاً للمؤمنين.
وفي تخصيص كتابه بالهدي والرحمة للمحسنين دليل على أنه ليس يهدي غيرهم.
وفي "التأويلات" : المحسن من يعتصم بحبل القرآن متوجهاً إلى الله ولذا فسر النبي عليه السلام الإحسان حين سأله جبريل ما الإحسان؟ قال :"أن تعبد الله كأنك تراه" فمن يكون بهذا الوصف بكون متوجهاً إليه حتى يراه ولا بد للمتوجه إليه أن يعتصم بحبله وإلا فهو منزه عن الجهات فلا يتوجه إليه لجهة من الجهات انتهى.
ولذا قال موسى عليه السلام : أين أجدك يا رب؟ قال : يا موسى إذا قصدت إليّ فقد وصلت إليّ إشارة إلى أنه ليس هناك شيء من الأين حتى يتوجه إليه.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٦٢
صوفي ه فغانست كه من اين إلى اين
اين نكته عيانست من العلم إلى العين
جامى مكن انديشه زنزديكى ودورى
لا قرب ولا بعد ولا وصل ولا بين
ثم إن أريد بالحسنات مشاهيرها المعهودة في الدين فقوله تعالى :
﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَواةَ﴾ الخ صفة كاشفة للمحسنين وبيان لما عملوه من الحسنات فاللام في للمحسنين لتعريف الجنس وإن أريد بها جميع الحسنات الاعتقادية والعملية على أن يكون اللام للاستغراق فهو تخصيص لهذه الثلاث بالذكر من بين سائر شعبها لإظهار فضلها على غيرها ومعنى إقامة الصلاة أداؤها وإنما عبر عن الأداء بالإقامة إشارة إلى أن الصلاة عماد الدين.
وفي "المفردات" إقامة الشيء توفية حقه وإقامة الصلاة توفية شرائطها لا الإتيان بهيئتها، يعني :(شرائط نماز دوقسم است فسمى را شرائط جواز كويند يعني فرائض وحدود وأوقات آن وقسمي را شرائط قبول كويند يعني تقوي وخشوع وإخلاص وتعظيم وحرمت آن قال تعالى :﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ (المائدة : ٢٧) وتاهردو قسم بجاى نيارد معنى اقامت درست نشود ازينجاست كه رب العزه در قرآن هرجا كه بنده را نماز فرمايد ويابناى مدح كند ﴿أَقِيمُوا الصَّلَواةَ﴾ (البقرة : ٨٣) ﴿وَيُقِيمُونَ الصَّلَواةَ﴾ (البقرة : ٣٠) كويد "صلوا ويصلون" نكويد).
وفي "التأويلات النجمية" :﴿يُقِيمُونَ الصَّلَواةَ﴾ أي : يديمونها بصدق التوجه وحضور القلب والإعراض عما سواه انتهى أشار إلى معنى آخر لأقام وهو إدام كما قاله الجوهري وفي الحديث "إن بين يدي الخلق خمس عقبات لا يقطعها إلا كل ضامر ومهزول" فقال أبو بكر رضي الله عنه : ما هي يا رسول الله قال عليه السلام :"أولاها الموت وغصته.
وثانيتها القبر ووحشته وضيقه.
وثالثتها سؤال منكر ونكير وهيبتهما.
ورابعتها الميزان وخفته.
وخامستها الصراط ودقته" فلما سمع أبو بكر رضي الله عنه هذه المقالة بكى بكاء كثيراً حتى بكت السموات السبع والملائكة كلها فنزل جبريل وقال : يا محمد قل لأبي بكر حتى لا يبكي أما سمع من العرب كل داء له دواء إلا الموت ثم قال :"من صلى صلاة الفجر هان عليه الموت وغصته ومن صلى صلاة العشاء هان عليه الصراط ودقته ومن
٦٣