سورة فاطر
مكية وآيها خمس وأربعون
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣١٠
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣١١
﴿الْحَمْدُ﴾ أي : كل المحامد مختصة بالله تعالى لا تتجاوز منه إلى من سواه وهو وإن كان في الحقيقة حمد الله لذاته بذاته لكنه تعليم للعباد كيف يحمدونه.
واعلم أن الحمد يتعلق بالنعمة والمحنة إذ تحت كل محنة منحة فمن النعمة العطاس وذلك لأنه سبب لانفتاح المسام أي : ثقب الجسد واندفاع الأبخرة المحتبسة عن الدماغ الذي فيه قوة التذكر والتفكر فهو بحران الرأس كما أن العرق
٣١١
بحران بدن المريض ولذا أوجب الشارع الحمد للعاطس.
قال ابن عباس رضي الله عنهما : من سبق العاطس بالحمدوقى وجع الرأس والأضراس ومن المحنة التجشي وفي الحديث :"من عطس أو تجشا فقال : الحمدعلى كل حال دفع الله بها عنه سبعين داء أهونها الجذام".
والتجشي تنفس المعدة وبالفارسية :(بدروغ شدن) وذلك لأن التجشي إنما يتولد من امتلاء المعدة من الطعام فهو من المصائب في الدين خصوصاً إذا وقع حال الصلاة ويدل عليه أنه عليه السلام كان يقول عند كل مصيبة :"الحمدعلى كل حال" ثم رتب الحمد على نعمة الإيجاد أولاً إذ لا غاية وراءها إذ كل كمال مبني عليها فقال :﴿فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالارْضِ﴾ إضافته محضة لأنه بمعنى الماضي فهو نعت للاسم الجليل ومن جعلها غير محضة جعله بدلاً منه وهو قليل في المشتق والمعنى مبدعهما وخالقهما ابتداء من غير مثال سبق من الفطر بالفتح بمعنى الشق أو الشق طولاً كما ذهب إليه الراغب كأنه شق العدم بإخراجهما منه والفطر بالكسر ترك الصوم وعن ابن عباس رضي الله عنهما ما كنت أدري ما فاطر السموات حتى اختصم إليّ أعرابيان في بئر فقال أحدهما : أنا فطرتها أي : ابتدأت حفرها قال المبرد فاطر خالق مبتدىء، ففيه إشارة إلى أن أول كل شيء تعلقت به القدرة سموات الأرواح وأرض النفوس وأما الملائكة فقد خلقت بعد خلق أرواح الإنسان ويدل عليه تأخير ذكرهم كما قال :﴿جَاعِلِ الملائكة رُسُلا﴾ إضافته محضة أيضاً على أنه نعت آخر للاسم الجليل ورسلاً منصوب بجاعل واسم الفاعل بمعنى الماضي وإن كان لا يعمل عند البصريين إلا معرفاً باللام إلا أنه بالإضافة أشبه باللام فعمل عمله فالجاعل بمعنى المصير والمراد بالملائكة جبرائيل وإسرافيل وميكائيل وعزرائيل والحفظة ونحوهم.
ويقال : لم ينزل إسرافيل على نبي إلا على محمد صلى الله عليه وسلّم نزل فأخبره بما هو كائن إلى يوم القيامة ثم عرج.