سورة الصافات
إحدى واثنتان وثمانون آية مكية
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٤٤٣
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٤٤٤
﴿وَالصَّافَّاتِ صَفًّا﴾ الواو للقسم والصافات جمع صافة بمعنى جمع صافية بمعنى جماعة صافة فالصافات بمعنى الجماعات الصافات ولو قيل والصافين وما بعدها بالتذكير لم يحتمل الجماعات.
والصف أن يجعل الشيء على خط مستقيم كالناس والأشجار وبالفارسية :(رسته كردن) تقول صففت القوم من باب ردّ فاصطفوا إذا أقمتم على خط مستو لأداء الصلاة أو لأجل الحرب.
أقسم الله سبحانه بالملائكة الذين يصفون للعبادة في السماء ويتراصون في الصف أي : بطوائف الملائكة الفاعلات للصفوف على أن المراد إيقاع نفس الفعل من غير قصد إلى المفعول واللاتي يقفن صفاً صفاً في مقام العبودية والطاعة، وبالفارسية :(وبحق فرشتكان صف بركشيده در مقام عبوديت صف بركشيدنى) أو الصافات أنفسها أي : الناظمات لها في سلك الصفوف بقيامها في مواقف الطاعة ومنازل الخدمة وفي الحديث :"ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم" قلنا وكيف تصف الملائكة عند ربهم؟ قال :"يتمون الصفوف المقدّمة ويتراصون في الصف" (والتراص : نيك در يكديكر بايستادن).
وكان عمر بن الخطاب رضي الله
٤٤٤
عنه إذا أراد أن يفتتح بالناس الصلاة قال استووا تقدم يا فلان تأخر يا فلان إن الله عز وجل يرى لكم بالملائكة إسوة.
يقول : والصافات صفاً يعني :(خداى تعالى مى نمايد برشمارا به بملائكه اقتدا كويد) والصافات صفاً.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما ترد الملائكة صفوفاً صفوفاً لا يعرف كل ملك منهم من إلى جانبه لم يلتفت منذ خلقه الله تعالى.
وفي "القاموس" والصافات صفاً الملائكة المصطفون في الهواء يسبحون ولهم مراتب يقومون عليهاصفوفاً كما يصطف المصلون انتهى.
وقال بعضهم : الصافات أجنحتها في الهواء منتظرة لأمر الله تعالى فيما يتعلق بالتدبير وقيل غير ذلك وقوله تعالى في أواخر هذه السورة ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّآفُّونَ﴾ يحتمل الكل.
قال بعض الكبار : الملائكة على ثلاثة أصناف مهيمون في جلال الله تعالى تجلى لهم في اسمه الجليل فهيمهم وأفناهم عنهم فلا يعرفون نفوسهم ولا من هاموا فيه وصنف مسخرون ورأسهم القلم الأعلى سلطان عالم التدوين والتسطير وصنف أصحاب التدبير للأجسام كلها من جميع الأجناس كلها وكلهم صافون في الخدمة ليس لهم شغل غير ما أمروا به وفيه لذتهم وراحتهم.
وفي الآية بيان شرف الملائكة حيث أقسم بهم وفضل الصفوف وقد صح أن الشيطان يقف في فرجة الصف فلا بد من التلاصق والإنضمام والاجتماع ظاهراً وباطناً.
﴿فَالزاَّجِرَاتِ زَجْرًا﴾ يقال زجرت البعير إذا حثثته ليمضي وزجرت فلاناً عن سوء فانزجر أي : نهيته فانتهى فزجر البعير كالحث له وزجر الإنسان كالنهي.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٤٤٤
وفي "كشف الأسرار" الزجر الصرف عن الشيء بتخويف.
وفي "المفردات" : الزجر طرد بصوت ثم يستعمل في الطرد تارة وفي الصوت أخرى.