سورة الزمر
خمس وسبعون أو اثنتان وسبعون آية مكية
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٦٧
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٦٨
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٦٨
﴿تَنزِيلُ الْكِتَابِ﴾ ؛ أي : القرآن، وخصوصاً منه هذه السورة الشريفة، وهو مبتدأ خبره قوله :﴿مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾ لا من غيره كما يقول المشركون : إن محمداً تقوّله من تلقاء نفسه.
وقيل : معناه تنزيل الكتاب من الله، فاستمعوا له واعملوا به، فهو كتاب عزيز.
نزل من رب عزيز على عبد عزيز بلسان ملك عزيز في شأن أمة عزيزة، والتعرض لوصفي العزة
٦٨
والحكمة للإيذان بظهور أثريهما في الكتاب، بجريان أحكامه ونفاذ أوامره ونواهيه من غير مدافع ولا ممانع، وبابتناء جميع ما فيه على أساس الحكم الباهرة.
وقال الكاشفي :﴿الْعَزِيزِ﴾ (خداوند غالب در تقدير ﴿الْحَكِيمِ﴾ دانا است در تدبير).
وفي "فتح الرحمن" : العزيز في قدرته الحكيم في إبداعه.
﴿إِنَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ﴾.
شروع في بيان شأن المنزل إليه، وما يجب عليه أثر بيان شأن المنزل، وكونه من عند الله، فلا تكرار في إظهار الكتاب في موضع الإضمار لتعظيمه، ومزيد الاعتناء بشأنه.
والباء : إما متعلقة بالإنزال ؛ أي : بسبب الحق وإثباته وإظهاره، وإما بمحذوف هو حال من نون العظمة ؛ أي : أنزلناه إليك حال كوننا محقين في ذلك، أو حال من الكتاب ؛ أي : أنزلناه حال كونه ملتبساً بالحق والصواب ؛ أي : كل ما فيه حق لا ريب فيه موجب للعمل حتماً.
وفي "التأويلات النجمية" : أي من الحق نزل وبالحق نزل وعلى الحق نزل.
قال في "برهان القرآن" : كل موضع خاطب الله النبي عليه السلام بقوله :﴿إِنَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ﴾، ففيه تكليف، وإذا خاطبه بقوله :﴿أَنزَلْنَا عَلَيْكَ﴾ (النمل : ٦٤)، ففيه تخفيف.
ألا ترى إلى ما في أول السورة إليك، فكلفه الإخلاص في العبودية، وإلى ما في آخرها عليك، فختم الآية بقوله :﴿وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ﴾ (الأنفال : ١٠٧) ؛ أي : لست بمسؤول عنهم، فخفف عنه ذلك ﴿فَاعْبُدِ اللَّهَ﴾ حال كونك ﴿مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ﴾.
الإخلاص أن يقصد العبد بنيته وعمله إلى خالقه لا يجعل ذلك لغرض من الأغراض ؛ أي : ممحضاً له الطاعة من شوائب الشرك والرياء، فإن الدين الطاعة كما في "الجلالين" وغيره.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٦٨
قال في "عرائس البيان" : أمر حبيبه عليه السلام بأن يعبده بنعت أن لا يرى نفسه في عبوديته، ولا الكون وأهله، ولا يتجاوز عن حدّ العبودية في مشاهدة الربوبية، فإذا سقط عن العبد حظوظه من العرش إلى الثرى، فقد سلك مسلك العبودية الخالصة :
كر نباشد نيت خالص
جه حاصل از عمل
قال بعض الكبار : العبادة الخالصة معانقة الأمر على غاية الخضوع.
وتكون بالنفس فإخلاصها فيها التباعد عن الانتقاص.
وبالقلب فإخلاصه فيها العمى عن رؤية الأشخاص.
وبالروح فإخلاصه فيها التنقي عن طلب الاختصاص وأهل هذه العبادة موجود في كل عصر لما قال عليه السلام :"لايزال الله يغرس في هذا لدين غرساً يستعملهم في طاعته".
قال الكاشفي :(مخاطب حضرتست ومراد امت است كه مأمورند بآنكه طاعت خودرا از شرك وريا خالص سازند).
وفي "كشف الأسرار" :(فرموده رسول خدا عليه السلام باين خطاب جنان ادب كرفت كه جبريل وكفت "يا محمد أتختار أن تكون ملكاً نبياً أو عبداً نبياً" كفت خداوندا بندكى مارا مسلم اكر ملك اختيار كنم با ملك بنا نم وآنكه افتخار من يملك باشد ليكن بندكى خواهم وملكي نخواهم ملكى ترا مسلم است وبندكى اختيار كنم تا مملوك تو باشم وافتخار من بملك توباشد ازنيجا كفت "أنا سيد ولد آدم ولا فخر" يعني مار بهيج جيز فخر نيست فخر ما بخالقست زيراكه برماكس نيست جزاوا كر بغير او فخر كنم بعير او نكر سته باشم وفرمان ﴿فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا﴾ بكذاشته باشم وبكذاشته فرمان نيست وبغيراو نكر ستن شرط نيست لا جرم بغير أو فخر نيست).
قال الحافظ :
٦٩
كدايى درجانا بسلطنت مفروش
كسى زسايه اين در بآفتاب رود
﴿إِنَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ * أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُا وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِه أَوْلِيَآءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِى مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَا إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِى مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ * لَّوْ أَرَادَ اللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا اصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا﴾.