سورة غافر
مكية وآيها خمس أو ثمان وثمانون
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٤٧
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٤٨
﴿حم﴾ : اسم للسورة ومحله الرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف ؛ أي : هذه السورة مسماة
١٤٨
بـ﴿حم﴾ : نزلت منزلة الحاضر المشار إليه لكونها على شرف الذكر، والحضور.
وقال صلى الله عليه وسلّم "حم، اسم من أسماء الله تعالى، وكل اسم من أسماء الله تعالى مفتاح من مفاتيح خزائنه تعالى"، فمن اشتغل باسم من الأسماء الإلهية يحصل بينه وبين هذا الاسم ؛ أي : بين سره وروحه مناسبة بقدر الاشتغال، ومتى قويت تلك المناسبة بحسب قوة الاشتغال يحصل بينه وبين مدلوله الحقيقي مناسبة أخرى، فحينئذٍ يتجلى له الحق سبحانه من مرتبة ذلك الاسم، ويفيض عليه ما شاء بقدر استعداده، وكل أسمائه تعالى أعظم عند الحقيقة.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : الر، وحم، ون، حروف الرحمن مقطعة في سور.
وفي "التأويلات النجمية" : يشير إلى القسم بسر بينه وبين حبيبه محمد عليه السلام لا يسعه فيه ملك مقرب ولا نبي مرسل.
وذلك أن الحاء والميم هما : حرفان من وسط اسم الله، وهو رحمن وحرفان من وسط اسم نبيه وحبيبه محمد عليه السلام، فكما أن الحرفين سر اسميهما، فهما يشيران أن القسم بسر كان بينهما أن تنزيل الكتاب إلخ.
وقال سهل بن عبد الله التستري رحمه الله في ﴿حم﴾ : الحي الملك.
وزاد بعضهم : بأن قال :﴿حم﴾ فواتح أسمائه : الحليم الحميد الحق الحي الحنان الحكيم الملك المنان المجيد.
وقال الكاشفي :(حا اشارت بحكم حق كه خط ومنع ورد بروكشيده نشودوميم اما نيست بملك او كه كرد زوال وفنا كرد سر اوقات آن راه نيابد).
وقال البقلي : الحاء حياة الأزل، والميم : منهل المحبة، فمن خصه الله تعالى بقربه سقاه من عين حياته، حتى يكون حياً بحياته لا يعتريه الفناء بعد ذلك، وينطق من حاء الحياة بعبارة الحكمة، ومن ميم المحبة من إشارات العلوم المجهولة ما لا يعرفها إلا الواردون على مناهل القدم والبقاء.
وفي "شرح حزب البحر" :﴿حم﴾ : إشارة إلى الحماية، ولذلك قال عليه السلام يوم أحد :"ليكن شعاركم حم لا ينصرون" ؛ أي : بحماية الله لا ينصرون ؛ أي : الأعداء ؛ لأن الله تعالى مولى الذين آمنوا ولا مولى للكافرين، فتحصل العناية بالحماية، والحماية من حضرة الأفعال.
ويقال :﴿حم﴾ الأمر بضم الحاء وتشديد الميم ؛ أي : قضي وقدر، وتم ما هو كائن أو ﴿حم﴾ : أمر الله ؛ أي : قرب أو يوم القيامة.
قال : قد حم يومي فسر قوم.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٤٨
قوم بهم غفلة ونوم.
قال في "كشف الأسرار" :(حا اشارتست بمحبت وميم اشارتست بمنت ميكويد اى بحاى محبت من دوست كشته نه به هنر خود اى بميم منت من مرا يافته نه بطاعت خود اى من ترا دوست كرفته وتومرا نشاخته اى من ترا خواسته وتومرا نادانسته اى من ترابوده وتومرا بوده صد هزار كس بردر كاه ما ايستاده مارا خواستند ودعاها كردند بايشان التفات نكرديم وشمارا اى امت أحمد بى خواست شما كفت).
أعطيتكم قبل أن تسألوني، وأجبتكم قبل أن تدعوني وغفرت لكم قبل أن تستغفروني.
(آن رغبت وشوق أنبياء كذشته بتوتا خليل مى كفت).
واجعل لي لسان صدق في الآخرين.
(وكليم ميكفت).
اجعلني من أمة محمد.
(نه ازان بودكه افعال توبا ايشان شرح داديم كه اكر افعال شما با ايشان كفتيم همه دامن ازشما درجيدندى ليكن أزان بود كه افضال وانعام خود باشما ايشانرا شرح داديم بيش از شما وهركرا بر كزيديم يكان يكان بركزيديم جنانكه اصطفى آدم ونوحاً وإبراهيم وآل عمران جون نوبت شمارا رسيد على العموم والشمول كفتيم كنتم خير أمة همه بركزيد
١٤٩
كان ما آيد جاى ديكر كفت اصطفينا من عبادنا در تحت اين خطاب هم زاهد وهم عابداست هم ظالم وهم مظلوم).
روي : موسى عليه السلام قال : يا رب هل أكرمت أحداً أمثل ما أكرمتني، أسمعتني كلامك، فقال تعالى : إن لي عباداً أخرجهم في آخر الزمان وأكرمهم بشهر رمضان، وأنا أكون أقرب إليهم منك، فإني كلمتك بيني وبينك سبعون ألف حجاب، فإذا صامت أمة محمد وابيضت شفاههم واصفرت ألوانهم أرفع تلك الحجب وقت إفطارهم :
روزى كه سراز برده برون خواهى كرد
دانم كه زمانه رازبون خواهى كرد
كرزيب وجمال ازين فزون خواهى كرد
يا رب جه جكر عاست كه خون خواهى كرد
يا موسى طوبى لمن عطش كبده وجاع بطنه في رمضان، فإني لا أجازيهم دون لقائي، وخلوف فمهم عندي أطيب من ريح المسك، ومن صام يوماً استوجب ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
قال موسى : أكرمني بشهر رمضان.
قال تعالى : هذه الأمة محمد عليه السلام، فانظر لإكرامه تعالى وحمايته لهذه الأمة المرحومة، فإنها بين الأمم بهذه الكرامة موسومة، بل كلها منها محرومة.
﴿تَنزِيلُ الْكِتَابِ﴾ : خبر بعد خبر على أنه مصدر أطلق على المفعول ؛ أي : المنزل مبالغة.
﴿مِنَ اللَّهِ﴾ : صلة للتنزيل.
والأظهر أن تنزيل مبتدأ، ومن الله خبره، فيكون المصدر على معناه.
وقوله : من الله ؛ أي : لا كما يقوله الكفار من أنه اختلقه محمد.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٤٨
﴿الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ : لعل تخصيص الوصفين لما في القرآن من الإعجاز وأنواع العلم الدالين على القدرة الكاملة والعلم البالغ.


الصفحة التالية
Icon