سورة الزخرف
وآياتها تسعة وثمانون
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٤٨
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٤٩
﴿حم﴾ ؛ أي : القرآن مسمى بـ﴿حم﴾، أو هذه السورة مسماة به.
يقول الفقير أمده الله القدير :﴿حم﴾ إشارة إلى الاسمين الجليلين من أسمائه تعالى، وهما : الحنان والمنان، فالحنان هو الذي يقبل على من أعرض عنه.
وفي "القاموس" : الجنان كشداد اسم الله تعالى، ومعناه : الرحيم.
انتهى.
المنان : هو الذي يبدأ بالنوال قبل السؤال، كما قال في "القاموس" : المنان من أسماء الله تعالى، المعطي ابتداءً.
انتهى.
وقد جعل في داخل الكعبة ثلاث أسطوانات :
الأولى : أسطوانة الحنان.
والثانية : أسطوانة المنان.
والثالثة : أسطوانة الديان، وإنما أضيفت إلى الله تعالى تعظيماً كما قيل : بيت الله وناقة الله، فأشار بهذه الأسماء الثلاثة حيث جعلت في داخل الكعبة المشار بها إلى الذات الأحدية إلى أن مقتضى الذات هو الرحمة والعطاء في الدنيا والمجازاة والمكافأة في الآخرة وبرحمته أنزل القرآن كما قال مقسماً به.
﴿وَالْكِتَابِ﴾ بالجر على أنه مقسم به إما ابتداء أو عطف على ﴿حم﴾ على تقدير كونه مجروراً بإضمار باء القسم على أن مدار العطف المغايرة في العنوان ومناط تكرير القسم المبالغة في تأكيد مضمون الجملة القسمية.
﴿الْمُبِينِ﴾ ؛ أي : البين لمن أنزل عليهم لكونه بلغتهم وعلى أساليبهم، فيكون من أبان بمعنى بان ؛ أي : ظهر، أو المبين لطريق الهدى من طرق الضلالة الموضح لكل ما يحتاج إليه في أبواب الديانة، فيكون من أبان بمعنى أظهر وأوضح.
وقال سهل : بين فيه الهدى من الضلالة والخير من الشر وبين سعادة السعداء وشقاوة الأشقياء.
وقال بعضهم : المراد بالكتاب الخط والكتابة يقال : كتبه كتباً وكتاباً خطه أقسم به تعظيماً لنعمته فيه، إذ فيه كثرة المنافع، فإن العلوم إنما تكاملت بسبب الخط فالمتقدم إذا استنبط علماً، وأثبته في كتاب وجاء المتأخر، وزاد عليه تكاثرت به الفوائد.
يقول الفقير : لعل السبب في حمل الآية على هذا المعنى الغير الظاهر لزوم اتحاد المقسم به والمقسم عليه على تقدير حملها على القرآن، وليس بذلك كما يأتي.